اللهَ) تذكروا وعيده أو حكمه أو حقه العظيم. (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) بالندم والتوبة. (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) استفهام بمعنى النفي معترض بين المعطوفين ، والمراد به وصفه تعالى بسعة الرحمة وعموم المغفرة والحث على الاستغفار والوعد بقبول التوبة (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) ولم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين لقوله صلىاللهعليهوسلم «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة». (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) حال من يصروا أي ولم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به.
(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ)(١٣٦)
(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) خبر للذين إن ابتدأت به ، وجملة مستأنفة مبينة لما قبلها إن عطفته على المتقين ، أو على الذين ينفقون. ولا يلزم من إعداد الجنة للمتقين والتائبين جزاء لهم إن لا يدخلها المصرون ، كما لا يلزم من إعداد النار للكافرين جزاء لهم أن لا يدخلها غيرهم ، وتنكير جنات على الأول يدل على أن ما هم أدون مما للمتقين الموصوفين بتلك الصفات المذكورة في الآية المتقدمة ، وكفاك فارقا بين القبيلين أنه فصل آيتهم بأن بين أنهم محسنون مستوجبون لمحبة الله ، وذلك لأنهم حافظوا على حدود الشرع وتخطوا إلى التخصص بمكارمه ، وفصل آية هؤلاء بقوله : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) لأن المتدارك لتقصيره كالعامل لتحصيل بعض ما فوت على نفسه ، وكم بين المحسن والمتدارك والمحبوب والأجير ، ولعل تبديل لفظ الجزاء بالأجر لهذه النكتة ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره ونعم أجر العاملين ذلك يعني المغفرة والجنات.
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)(١٣٨)
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) وقائع سنها الله في الأمم المكذبة كقوله تعالى : (وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) وقيل أمم قال :
ما عاين النّاس من فضل كفضلكمو |
|
ولا رأوا مثله في سالف السّنن |
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) لتعتبروا بما ترون من آثار هلاكهم.
(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) إشارة إلى قوله (قَدْ خَلَتْ) ، أو مفهوم قوله (فَانْظُروا) أي أنه مع كونه بيانا للمكذبين فهو زيادة بصيرة وموعظة للمتقين ، أو إلى ما لخص من أمر المتقين والتائبين ، وقوله قد خلت جملة معترضة للبعث على الإيمان والتوبة وقيل إلى القرآن.
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٣٩)
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا) تسلية لهم عما أصابهم يوم أحد ، والمعنى لا تضعفوا عن الجهاد بما أصابكم ولا تحزنوا على من قتل منكم. (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) وحالكم إنكم أعلى منهم شأنا ، فإنكم على الحق وقتالكم لله وقتلاكم في الجنة ، وإنهم على الباطل وقتالهم للشيطان وقتلاهم في النار ، أو لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم اليوم ، أو وأنتم الأعلون في العاقبة فيكون بشارة لهم بالنصر والغلبة. (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) متعلق بالنهي أي لا تهنوا إن صح إيمانكم ، فإنه يقتضي قوة القلب بالوثوق على الله أو بالأعلون.
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ