الله لعلمه بأن فيهم من يؤمن. (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) قد استحقوا التعذيب بظلمهم.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١٣٠)
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا فله الأمر كله لا لك. (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) صريح في نفي وجوب التعذيب ، والتقييد بالتوبة وعدمها كالمنافي له. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لعباده فلا تبادر إلى الدعاء عليهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) لا تزيدوا زيادات مكررة ، ولعل التخصيص بحسب الواقع. إذ كان الرجل منهم يربي إلى أجل ثم يزيد فيه زيادة أخرى حتى يستغرق بالشيء الطفيف مال المديون. وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب «مضعفة». (وَاتَّقُوا اللهَ) فيما نهيتم عنه. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) راجين الفلاح.
(وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١٣٢)
(وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) بالتحرز عن متابعتهم وتعاطي أفعالهم ، وفيه تنبيه على أن النار بالذات معدة للكافرين وبالعرض للعصاة. (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أتبع الوعيد بالوعد ترهيبا عن المخالفة وترغيبا في الطاعة ، ولعل وعسى في أمثال ذلك دليل عزة التوصل إلى ما جعل خبرا له.
(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(١٣٤)
(وَسارِعُوا) بادروا وأقبلوا. (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) إلى ما يستحق به المغفرة ، كالإسلام والتوبة والإخلاص. وقرأ نافع وابن عامر (سارِعُوا) بلا واو. (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي عرضها كعرضهما ، وذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريقة التمثيل ، لأنه دون الطول. وعن ابن عباس كسبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض ، (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) هيئت لهم ، وفيه دليل على أن الجنة مخلوقة وإنها خارجة عن هذا العالم.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) صفة مادحة للمتقين ، أو مدح منصوب أو مرفوع. (فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) في حالتي الرخاء والشدة ، أو الأحوال كلها إذ الإنسان لا يخلو عن مسرة أو مضرة ، أي لا يخلون في حال ما بإنفاق ما قدروا عليه من قليل أو كثير ، (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) الممسكين عليه الكافين عن إمضائه مع القدرة ، من كظمت القرية إذا ملأتها وشددت رأسها. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم «من كظم غيظا وهو يقدر على إنقاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا. (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) التاركين عقوبة من استحقوا مؤاخذته ، وعن النبي عليه الصلاة والسلام «إن هؤلاء في أمتي قليل إلا من عصم الله» وقد كانوا كثيرا في الأمم التي مضت. (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يحتمل الجنس ويدخل تحته هؤلاء ، والعهد فتكون الإشارة إليهم.
(وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(١٣٥)
(وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) فعلة بالغة في القبح كالزنى. (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بأن أذنبوا أي ذنب كان وقيل الفاحشة الكبيرة وظلم النفس الصغيرة ، ولعل الفاحشة ما يتعدى وظلم النفس ما ليس كذلك. (ذَكَرُوا