فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٣٨)
____________________________________
الاستقرار. (مُسْتَقَرٌّ) أى استقرار أو موضع استقرار (وَمَتاعٌ) أى تمتع بالعيش وانتفاع به. (إِلى حِينٍ) هو حين الموت على أن المغيا تمتع كل فرد من المخاطبين أو القيامة على أنه تمتع الجنس فى ضمن بعض الأفراد والجملة كما قبلها فى كونها حالا أى مستحقين للاستقرار والتمتع أو استئنافا. (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) أى استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها حين علمها ووفق لها وقرىء بنصب آدم ورفع كلمات دلالة على أنها استقبلته بلغته وهى قوله تعالى (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الآية وقيل سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك لا إله إلا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال يا رب ألم تخلقنى بيدك قال بلى قال يا رب ألم تنفخ فى من روحك قال بلى قال يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك قال بلى قال ألم تسكنى جنتك قال بلى قال يا رب إن تبت وأصلحت أراجعى أنت إلى الجنة قال نعم والفاء للدلالة على أن التوبة حصلت عقيب الأمر بالهبوط قبل تحقق المأمور به والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليه عليهالسلام للتشريف والإيذان بعليته لإلقاء الكلمات المدلول عليه بتلقيها. (فَتابَ عَلَيْهِ) أى رجع عليه بالرحمة وقبول التوبة والفاء للدلالة على ترتبة على تلقى الكلمات المتضمن لمعنى التوبة التى هى عبارة عن الاعتراف بالذنب والندم عليه والعزم على عدم العود إليه واكتفى بذكر شأن آدم عليهالسلام لما أن حواء تبع له فى الحكم ولذلك طوى ذكر النساء فى أكثر مواقع الكتاب والسنة. (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ) أى الرجاع على عباده بالمغفرة أو الذى يكثر إعانتهم على التوبة وأصل التوب الرجوع فإذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية وإذا وصف به البارى عز وعلا أريد به الرجوع عن العقاب إلى المغفرة. (الرَّحِيمُ) المبالغ فى الرحمة وفى الجمع بين الوصفين وعد بليغ للتائب بالإحسان مع العفو والغفران والجملة تعليل لقوله تعالى (فَتابَ عَلَيْهِ). (قُلْنَا) استئناف مبنى على سؤال ينسحب عليه الكلام كأنه قيل فماذا وقع بعد قبول توبته فقيل قلنا. (اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) كرر الأمر بالهبوط إيذانا بتحتم مقتضاه وتحققه لا محالة ودفعا لما عسى يقع فى أمنيته عليهالسلام من استتباع قبول التوبة للعفو عن ذلك وإظهارا لنوع رأفة به عليهالسلام لما بين الأمرين من الفرق النير كيف لا والأول مشوب بضرب سخط مذيل ببيان أن مهبطهم دار بلية وتعاد لا يخلدون فيها والثانى مقرون بوعد إيتاء الهدى المؤدى إلى النجاة والنجاح وأما ما فيه من وعيد العقاب فليس بمقصود من التكليف قصدا أوليا بل إنما هو دائر على سوء اختيار المكلفين قيل وفيه تنبيه على أن الحازم يكفيه فى الردع عن مخالفة حكم الله تعالى مخافة الإهباط المقترن بأحد هذين الأمرين فكيف بالمقترن بهما فتأمل وقيل الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والثانى منها إلى الأرض ويأباه التعرض لاستقرارهم فى الأرض فى الأول ورجوع الضمير