(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣٩)
____________________________________
إلى الجنة فى الثانى وجميعا حال فى اللفظ وتأكيد فى المعنى كأنه قيل اهبطوا أنتم أجمعون ولذلك لا يستدعى الاجتماع على الهبوط فى زمان واحد كما فى قولك جاءوا جميعا بخلاف قولك جاءوا معا (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) الفاء لترتيب ما بعدها على الهبوط المفهوم من الأمر به وإما مركبة من أن الشرطية وما المزيدة المؤكدة لمعناها والفعل فى محل الجزم بالشرط لأنه مبنى لاتصاله بنون التأكيد وقيل معرب مطلقا وقيل مبنى مطلقا والصحيح التفصيل إن باشرته النون بنى وإلا أعرب نحو هل يقومان وتقديم الظرف على الفاعل لما مر غير مرة والمعنى إن يأتينكم منى هدى برسول أبعثه إليكم وكتاب أنزله عليكم وجواب الشرط قوله تعالى (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) كما فى قولك إن جئتنى فإن قدرت أحسنت إليك وإيراد كلمة الشك مع تحقق الإتيان لا محالة للإيذان بأن الإيمان بالله والتوحيد لا يشترط فيه بعثة الرسل وإنزال الكتب بل يكفى فى وجوبه إفاضة العقل ونصب الأدلة الآفاقية والأنفسية والتمكين من النظر والاستدلال أو للجرى على سنن العظماء فى إيراد عسى ولعل فى مواقع القطع والجزم والمعنى أن من تبع هداى منكم فلا خوف عليهم فى الدارين من لحوق مكروه ولا هم يحزنون من فوات مطلوب أى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا أنه يعتريهم ذلك لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا أنه لا يعتريهم نفس الخوف والحزن أصلا بل يستمرون على السرور والنشاط كيف لا واستشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال الله سبحانه وهيبته واستقصارا للجد والسعى فى إقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين والمراد بيان دوام انتفائهما لا بيان انتفاء دوامهما كما يتوهم من كون الخبر فى الجملة الثانية مضارعا لما تقرر فى موضعه أن النفى وإن دخل على نفس المضارع يفيد الدوام والاستمرار بحسب المقام وإظهار الهدى مضافا إلى ضمير الجلالة لتعظيمه وتأكيد وجوب اتباعه أو لأن المراد بالثانى ما هو أعم من الهدايات التشريعية وما ذكر من إفاضة العقل ونصب الأدلة الآفاقية والأنفسية كما قيل وقرىء هدى على لغة هذيل ولا خوف بالفتح. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) عطف على من تبع الخ قسيم له كأنه قيل ومن لم يتبعه وإنما أوثر عليه ما ذكر تفظيعا لحال الضلالة وإظهارا لكمال قبحها وإيراد الموصول بصيغة الجمع للإشعار بكثرة الكفرة والجمع بين الكفر والتكذيب للإيذان بتنوع الهدى إلى ما ذكر من النوعين وإيراد نون العظمة لتربية المهابة وإدخال الروعة وإضافة الآيات إليها لإظهار كمال قبح التكذيب بها أى والذين كفروا برسلنا المرسلة إليهم وكذبوا بآياتنا المنزلة عليهم وقيل المعنى كفروا بالله وكذبوا بآياته التى أنزلها على الأنبياء عليهمالسلام أو أظهرها بأيديهم من المعجزات وقيل كفروا بالآيات جنانا وكذبوا بها لسانا فيكون كلا الفعلين متوجها إلى الجار والمجرور والآية فى الأصل العلامة الظاهرة قال النابغة[توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع] ويقال للمصنوعات من حيث دلالتها على الصانع تعالى وعلمه وقدرته ولكل طائفة من كلمات القرآن المتميزة عن غيرها بفصل لأنها علامة لانفصال ما قبلها مما بعدها وقيل لأنها تجمع كلمات منه فيكون من قولهم خرج بنو فلان بآيتهم أى