(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(٤٠)
____________________________________
بجماعتهم قال[خرجنا من البيتين لا حى مثلنا بآيتنا نزجى النعاج المطافلا] واشتقاقها من أى لأنها تبين أيا من أى أو من أوى إليه أى رجع وأصلها أوية أو أية فأبدلت عينها ألفا على غير قياس أو أوية أو أبية كرمكة فأعلت أو آئية كقائلة فحذفت الهمزة تخفيفا (أُولئِكَ) إشارة إلى الموصوف باعتبار اتصافه بما فى حيز الصلة من الكفر والتكذيب وفيه إشعار بتميزهم بذلك الوصف تميزا مصححا للإشارة الحسية وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم فيه وهو مبتدأ وقوله عزوجل (أَصْحابُ النَّارِ) أى ملازموها وملابسوها بحيث لا يفارقونها خبره والجملة خبر للموصول أو اسم الإشارة بدل من الموصول أو عطف بيان له وأصحاب النار خبر له وقوله تعالى (هُمْ فِيها خالِدُونَ) فى حيز النصب على الحالية لورود التصريح به فى قوله تعالى (أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها) وقد جوز كونه حالا من النار لاشتماله على ضميرها والعامل معنى الإضافة أو اللام المقدرة أو فى محل الرفع على أنه خبر آخر لأولئك على رأى من جوز وقوع الجملة خبرا ثانيا وفيها متعلق بخالدون والخلود فى الأصل المكث الطويل وقد انعقد الإجماع على أن المراد به الدوام (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى طائفة خاصة من الكفرة المعاصرين للنبى صلىاللهعليهوسلم لتذكيرهم بفنون النعم الفائضة عليهم بعد توجيهه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمره بتذكير كلهم بالنعمة العامة لبنى آدم قاطبة بقوله تعالى (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) الخ وإذ قلنا للملائكة الخ لأن المعنى كما أشير إليه بلغهم كلامى واذكر لهم إذ جعلنا أباهم خليفة فى الأرض ومسجودا للملائكة عليهمالسلام وشرفناه بتعليم الأسماء وقبلنا توبته والإبن من البناء لأنه مبنى أبيه ولذلك ينسب المصنوع إلى صانعه فيقال أبو الحرب وبنت فكر وإسرائيل لقب يعقوب عليهالسلام ومعناه بالعبرية صفوة الله وقيل عبد الله وقرىء إسرائل بحذف الياء وإسرال بحذفهما وإسرايل بقلب الهمزة ياء وإسرائل بهمزة مفتوحة وإسرئل بهمزة مكسورة بين الراء واللام وتخصيص هذه الطائفة بالذكر والتذكير لما أنهم أوفر الناس نعمة وأكثرهم كفرا بها (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) بالتفكر فيها والقيام بشكرها وفيه إشعار بأنهم قد نسوها بالكلية ولم يخطروها بالبال لا أنهم أهملوا شكرها فقط وإضافة النعمة إلى ضمير الجلالة لتشريفها وإيجاب تخصيص شكرها به تعالى وتقييد النعمة بهم لما أن الإنسان مجبول على حب النعمة فإذا نظر إلى ما فاض عليه من النعم حمله ذلك على الرضى والشكر قيل أريد بها ما أنعم به على آبائهم من النعم التى سيجىء تفصيلها وعليهم من فنون النعم التى أجلها إدراك عصر النبى عليهالسلام وقرىء اذكروا من الافتعال ونعمتى بإسكان الياء وإسقاطها فى الدرج وهو مذهب من لا يحرك الياء المكسور ما قبلها (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) بالإيمان والطاعة (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) بحسن الإثابة والعهد يضاف إلى كل واحد ممن يتولى طرفيه ولعل الأول مضاف إلى الفاعل والثانى إلى المفعول فإنه تعالى عهد إليهم بالإيمان والعمل الصالح