(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧) شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨)
____________________________________
الأحوال البدنية والطبيعية (وَرِضْوانٌ) التنوين للتفخيم وقوله تعالى (مِنَ اللهِ) متعلق بمحذوف وقع صفة له مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة أى رضوان وأى رضوان لا يقادر قدره كائن من الله عزوجل وقرىء بضم الراء (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) وبأعمالهم فيثيب ويعاقب حسبما يليق بها أو بصير بأحوال الذين اتقوا ولذلك أعدلهم ما ذكر وفيه إشعار بأنهم المستحقون للتسمية باسم العبد (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) فى محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل من أولئك المتقون الفائزون بهذه الكرامات السنية فقيل هم الذين الخ أو النصب على المدح أو الجر على أنه تابع للمتقين نعتا أو بدلا أو للعباد كذلك والأول أظهر وقوله تعالى (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) حينئذ معترضة وتأكيد الجملة لإظهار أن إيمانهم ناشىء من وفور الرغبة وكمال النشاط وفى ترتيب الدعاء بقولهم (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ) على مجرد الإيمان دلالة على كفايته فى استحقاق المغفرة والوقاية من النار (الصَّابِرِينَ) هو على تقدير كون الموصول فى محل الرفع منصوب على المدح بإضمار أعنى وأما على تقدير كونه فى محل النصب أو الجر فهو نعت له والمراد بالصبر هو الصبر على مشاق الطاعات وعلى البأساء والضراء وحين البأس (وَالصَّادِقِينَ) فى أقوالهم ونياتهم وعزائمهم (وَالْقانِتِينَ) المداومين على الطاعات المواظبين على العبادات (وَالْمُنْفِقِينَ) أموالهم فى سبيل الله تعالى (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) قال مجاهد وقتادة والكلبى أى المصلين بالأسحار وعن زيد بن أسلم هم الذين يصلون الصبح فى جماعة وقال الحسن مدوا الصلاة إلى السحر ثم استغفروا وقال نافع كان ابن عمر رضى الله عنه يحيى الليلة ثم يقول يا نافع أسحرنا فأقول لا فيعاود الصلاة فإذا قلت نعم قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبح وعن الحسن كانوا يصلون فى أول الليل حتى إذا كان السحر أخذوا فى الدعاء والاستغفار وتخصيص الأسحار بالاستغفار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة إذ العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروح أجمع لا سيما للمجتهدين وتوسيط الواو بين الصفات المعدودة للدلالة على استقلال كل منها وكمالهم فيها أو لتغاير الموصوفين بها (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ) بفتح الهمزة أى بأنه أو على أنه (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أى بين وحدانيته بنصب الدلائل التكوينية فى الآفاق والأنفس وإيزال الآيات التشريعية الناطقة بذلك عبر عنه بالشهادة على طريقة الاستعارة إيذانا بقوته فى إثبات المطلوب وإشعارا بإنكار المنكر وقرىء إنه بكسر الهمزة إما بإجراء شهد مجرى قال وإما بجعل الجملة اعتراضا وإيقاع الفعل على قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ) الخ على قراءة أن بفتح الهمزة كما سيأتى وقرىء شهداء لله بالنصب على أنه