نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن فنزلت والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فاستحللناهن وفى رواية أخرى عنه ونادى منادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض فأباح وطأهن بعد الاستبراء وليس فى ترتيب هذا الحكم على نزول الآية الكريمة ما يدل على كونها مسوقة له فإن ذلك إنما يتوقف على إفادتها له بوجه من وجوه الدلالة على إفادتها بطريق العبارة أو نحوها. هذا وقد روى عن أبى سعيد رضى الله عنه أنه قال إنها نزلت فى نساءكن يهاجرن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولهن أزواج فيتزوجهن بعض المسلمين ثم يقدم أزواجهن مهاجرين فنهى عن نكاحهن فالمحصنات حينئذ عبارة عن مهاجرات يتحقق أو يتوقع من أزواجهن الإسلام والمهاجرة ولذلك لم يزل عنهن اسم الإحصان والنهى لتحريم المحقق وتعرف حال المتوقع وإلا فما عداهن بمعزل من الحرمة واستحقاق إطلاق الاسم عليهن كيف لا وحين انقطعت العلاقة بين المسببة وزوجها مع اتحادهما فى الدين فلأن تنقطع ما بين المهاجرة وزوجها أحق وأولى كما يفصح عنه قوله عزوجل (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) الآية (كِتابَ اللهِ) مصدر مؤكد أى كتب الله (عَلَيْكُمْ) تحريم هؤلاء كتابا وفرضه فرضا وقيل منصوب على الإغراء بفعل مضمر أى الزموا كتاب الله وعليكم متعلق إما بالمصدر وإما بمحذوف وقع حالا منه وقيل هو إغراء آخر مؤكد لما قبله قد حذف مفعوله لدلالة المذكور عليه أو بنفس عليكم على رأى من جوز تقديم المنصوب فى باب الإغراء كما فى قوله[يأيها المائح دلوى دونكا [أنى رأيت الناس يحمدونكا] وقرىء كتب الله بالجمع والرفع أى هذه فرائض الله عليكم وقرىء كتب الله بلفظ الفعل (وَأُحِلَّ لَكُمْ) عطف على حرمت عليكم الخ وتوسيط قوله تعالى (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بينهما للمبالغة فى الحمل على المحافظة على المحرمات المذكورة وقرىء على صيغة المبنى للفاعل فيكون معطوفا على الفعل المقدر وقيل بل على حرمت الخ فانهما جملتان متقابلتان مؤسستان للتحريم والتحليل المنوطين بأمر الله تعالى ولا ضير فى اختلاف المسند إليه بحسب الظاهر لا سيما بعد ما أكدت الأولى بما يدل على أن المحرم هو الله تعالى (ما وَراءَ ذلِكُمْ) إشارة إلى ما ذكر من المحرمات المعدودة أى أحل لكم نكاح ما سواهن انفرادا وجمعا ولعل إيثار اسم الإشارة المتعرض لوصف المشار إليه وعنوانه على الضمير المتعرض للذات فقط لتذكير ما فى كل واحدة منهن من العنوان الذى عليه يدور حكم الحرمة فيفهم مشاركة من فى معناهن لهن فيها بطريق الدلالة فإن حرمة الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها ليس بطريق العبارة بل بطريق الدلالة كما سلف وقيل ليس المراد بالإحلال الإحلال مطلقا أى على جميع الأحوال حتى يرد أنه يلزم منه حل الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها بل إنما هو إحلالهن فى الجملة أى على بعض الأحوال ولا ريب فى حل نكاحهن بطريق الإنفراد ولا يقدح فى ذلك حرمته بطريق الجمع ألا يرى أن حرمة نكاح المعتدة والمطلقة ثلاثا والخامسة ونكاح الأمة على الحرة ونكاح الملاعنة لا تقدح فى حل نكاحهن بعد العدة وبعد التحليل وبعد تطليق الرابعة وانقضاء العدة وبعد تطليق الحرة وبعد إكذاب الملاعن نفسه وأنت خبير بأن الحل يجب أن يتعلق ههنا بما تعلق به الحرمة فيما سلف وقد تعلق ههنا بالجمع فلا بد أن يتعلق الحل ههنا به أيضا (أَنْ تَبْتَغُوا) متعلق بالفعلين المذكورين على أنه