(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) (٣٥)
____________________________________
أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) الباء متعلقة بما تعلقت به الأولى وما مصدرية أو موصولة حذف عائدها من الصلة ومن تبعيضية أو ابتدائية متعلقة بأنفقوا أو بمحذوف وقع حالا من العائد المحذوف أى وبسبب إنفاقهم من أموالهم أو بسبب ما أنفقوه من أموالهم أو كائنا من أموالهم وهو ما أنفقوه من المهر والنفقة روى أن سعد ابن الربيع أحد نقباء الأنصار رضى الله عنهم نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبى زهير فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكا فقال عليهالسلام لتقتص منه فنزلت فقال عليهالسلام أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذى أراده الله خير (فَالصَّالِحاتُ) شروع فى تفصيل أحوالهن وبيان كيفية القيام عليهن بحسب اختلاف أحوالهن أى فالصالحات منهن (قانِتاتٌ) أى مطيعات لله تعالى قائمات بحقوق الأزواج (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) أى لموجب الغيب أى لما يجب عليهن حفظه فى حال غيبة الأزواج من الفروج والأموال عن النبى صلىاللهعليهوسلم خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظك فى مالها ونفسها وتلا الآية وقيل لأسرارهم وإضافة المال إليها للإشعار بأن ماله فى حق التصرف فى حكم مالها كما فى قوله تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) الآية (بِما حَفِظَ اللهُ) ما مصدرية أى بحفظه تعالى إياهن بالأمر بحفظ الغيب والحث عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له أو موصولة أى بالذى حفظ الله لهن عليهم من المهر والنفقة والقيام بحفظهن والذب عنهن وقرىء بما حفظ الله بالنصب على حذف المضاف أى بالأمر الذى حفظ حق الله تعالى وطاعته وهو التعفف والشفقة على الرجال (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) خطاب للأزواج وإرشاد لهم إلى طريق القيام عليهن والخوف حالة تحصل فى القلب عند حدوث أمر مكروه أو عند الظن أو العلم بحدوثه وقد يراد به أحدهما أى تظنون عصيانهن وترفعهن عن مطاوعتكم من النشز وهو المرتفع من الأرض (فَعِظُوهُنَّ) فانصحوهن بالترغيب والترهيب (وَاهْجُرُوهُنَّ) بعد ذلك إن لم ينفع الوعظ والنصيحة (فِي الْمَضاجِعِ) أى فى المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن فيكون كناية عن الجمع وقيل المضاجع المبايت أى لا تبايتوهن وقرىء فى المضجع وفى المضطجع (وَاضْرِبُوهُنَّ) إن لم ينجح ما فعلتم من العظة والهجران ضربا غير مبرح ولا شائن (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) بذلك كما هو الظاهر لأنه منتهى ما يعد زاجرا (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) بالتوبيخ والأذية أى فأزيلوا عنهن التعرض واجعلوا ما كان منهن كأنه لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) فاحذروه فإنه تعالى أقدر عليكم منكم على من تحت أيديكم أو أنه تعالى على علو شأنه يتجاوز عن سيئاتكم ويتوب عليكم عند توبتكم فأنتم أحق بالعفو عن أزواجكم عند إطاعتهن لكم أو أنه يتعالى ويكبر أن يظلم أحدا أو ينقص حقه وعدم التعرض لعدم إطاعتهن لهم للإيذان بأن ذلك ليس مما ينبغى أن يتحقق أو يفرض تحققه وأن الذى يتوقع منهن ويليق بشأنهن لا سيما بعد ما كان ما كان من الزواجر هو الإطاعة ولذلك صدرت الشرطية بالفاء المنبئة عن سببية ما قبلها لما بعدها (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الحكام وارد على بناء