(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) (٣٤)
____________________________________
كما فصل فى قوله تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بين لفظ الجلالة وبين صفته بالعامل فيما أضيف إليه أعنى غير أو ولكل قوم جعلناهم موالى أى وراثا نصيب معين مغاير لنصيب قوم آخرين مما ترك الوالدان والأقربون على أن جعلنا موالى صفة لكل والضمير الراجع إليه محذوف والكلام مبتدأ وخبر على طريقة قولك لكل من خلقه الله إنسانا من رزق الله أى حظ منه وأما ما قيل من أن المعنى لكل أحد جعلنا موالى مما ترك أى وراثا منه على أن من صلة موالى لأنه فى معنى الوارث وفى ترك ضمير مستكن عائد إلى كل وقوله تعالى (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) استئناف مفسر للموالى كأنه قيل من هم فقيل الوالدان الخ ففيه تفكيك للنظم الكريم لأن ببيان الموالى بما ذكر يفوت الإبهام المصحح لاعتبار التفاوت بينهم وبه يتحقق الانتظام كما أشير إليه فى تقرير الوجهين الأولين مع ما فيه من خروج الأولاد من الموالى إذ لا يتناولهم الأقربون كما لا يتناول الوالدين (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) هم موالى الموالاة كان الحليف يورث السدس من مال حليفه فنسخ بقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) وعند أبى حنيفه رحمهالله إذا أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يرثه ويعقل عنه صح وعليه عقله وله إرثه إن لم يكن له وارث أصلا وإسناد العقد إلى الإيمان لأن المعتاد هو المماسحة بها عند العقد والمعنى عقدت أيمانكم عهودهم فحذف العهود وأقيم المضاف إليه مقامه وقرىء عقدت بالتشديد وعاقدت بمعنى عاقدتهم أيمانكم وما سحتموه وهو مبتدأ مضمن لمعنى الشرط ولذلك صدر الخبر أعنى قوله تعالى (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) بالفاء أو منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقولك زيدا فاضربه أو مرفوع معطوف على الوالدان والأقربون وقوله تعالى (فَآتُوهُمْ) الخ جملة مبينة للجملة قبلها ومؤكدة لها والضمير للموالى (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الأشياء التى من جملتها الإيتاء والمنع (شَهِيداً) ففيه وعد ووعيد (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) كلام مستأنف مسوق لبيان سبب استحقاق الرجال الزيادة فى الميراث تفصيلا إثر بيان تفاوت استحقاقهم إجمالا وإيراد الجملة اسمية والخبر على صيغة المبالغة للإيذان بعراقتهم فى الاتصاف بما أسند إليهم ورسوخهم فيه أى شأنهم القيام عليهن بالأمر والنهى قيام الولاة على الرعية وعلل ذلك بأمرين وهبى وكسبى فقيل (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) الباء سببية متعلقة بقوامون أو بمحذوف وقع حالا من ضميره وما مصدرية والضمير البارز لكلا الفريقين تغليبا أى قوامون عليهن بسبب تفضيل الله تعالى إياهم عليهن أو ملتبسين بتفضيله تعالى الخ ووضع البعض موضع الضميرين للإشعار بغاية ظهور الأمر وعدم الحاجة إلى التصريح بالمفضل والمفضل عليه أصلا ولمثل ذلك لم يصرح بما به التفضيل من صفات كماله التى هى كمال العقل وحسن التدبير ورزانة الرأى ومزيد القوة فى الأعمال والطاعات ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والشهادة فى جميع القضايا ووجوب الجهاد والجمعة وغير ذلك (وَبِما