(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (٩٢)
____________________________________
الصفات القبيحة (جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) حجة واضحة فى الإيقاع بهم قتلا وسبيا لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم فى الكفر والغدر وإضرارهم بأهل الإسلام أو تسلطا ظاهرا حيث أذنا لكم فى أخذهم وقتلهم (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) أى وما صح له ولا لاق بحاله (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) بغير حق فإن الإيمان زاجر عن ذلك (إِلَّا خَطَأً) فإنه ربما يقع لعدم دخول الاحتراز عنه بالكلية تحت الطاقة البشرية وانتصابه إما على أنه حال أى وما كان له أن يقتل مؤمنا فى حال من الأحوال إلا فى حال الخطأ أو على أنه مفعول له أى وما كان له أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ أو على أنه صفة للمصدر أى إلا قتلا خطأ وقيل إلا بمعنى ولا والتقدير وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا عمدا ولا خطأ وقيل ما كان نفى فى معنى النهى والاستثناء منقطع أى لكن إن قتله خطأ فجزاؤه ما يذكر والخطأ ما لا يقارنه القصد إلى الفعل أو إلى الشخص أو لا يقصد به زهوق الروح غالبا أو لا يقصد به محظور كرمى مسلم فى صف الكفار مع الجهل بإسلامه وقرىء خطأ بالمدو خطا كعصا بتخفيف الهمزة. روى أن عياش بن أبى ربيعة وكان أخا أبى جهل لأمه أسلم وهاجر إلى المدينة خوفا من أهله وذلك قبل هجرة النبى صلىاللهعليهوسلم فأقسمت أمه لا تأكل ولا تشرب ولا يأويها سقف حتى يرجع فخرج أبو جهل ومعه الحرث بن زيد بن أبى أنيسة فأتياه وهو فى أطم ففتل منه أبو جهل فى الذروة والغارب وقال أليس محمد يحثك على صلة الرحم انصرف وبر أمك وأنت على دينك حتى نزل وذهب معهما فلما فسحا من المدينة كتفاه وجلده كل واحد منهما مائة جلدة فقال للحرث هذا أخى فمن أنت يا حرث لله على إن وجدتك خاليا أن أقتلك وقدما به على أمه فحلفت لا يحل كتافه أو يرتد ففعل بلسانه ثم هاجر بعد ذلك وأسلم الحرث وهاجر فلقيه عياش بظهر قباء ولم يشعر بإسلامه فأنحى عليه فقتله ثم أخبر بإسلامه فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال قتلته ولم أشعر بإسلامه فنزلت (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أى فعليه أو فموجبه تحرير رقبة أى إعتاق نسمة عبر عنها بها كما يعبر عنها بالرأس (مُؤْمِنَةٍ) أى محكوما بإسلامها وإن كانت صغيرة (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) مؤداة إلى ورثته يقتسمونها كسائر المواريث لقول ضحاك بن سفيان الكلابى كتب إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يأمرنى أن أورث امرأة أشيم الضبابى من عقل زوجها (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) أى إلا أن يتصدق أهله عليه سمى العفو عنها صدقة حثا عليه وتنبيها على فضله وعن النبى صلىاللهعليهوسلم كل معروف صدقة وقرىء إلا أن يتصدقوا وهو متعلق بعليه أو بمسلمة أى تجب الدية أو يسلمها إلى أهله إلا وقت تصدقهم عليه فهو فى محل النصب على الظرفية أو إلا حال كونهم متصدقين عليه فهو حال من الأهل أو القاتل (فَإِنْ كانَ) أى المقتول (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) كفار محاربين (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) ولم يعلم به القاتل لكونه بين أظهر قومه