(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣)
____________________________________
بأن أسلم فيما بينهم ولم يفارقهم أو بأن أتاهم بعد ما فارقهم لمهم من المهمات (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أى فعلى قاتله الكفارة دون الدية إذ لا وراثة بينه وبين أهله لأنهم محاربون (وَإِنْ كانَ) أى المقتول المؤمن (مِنْ قَوْمٍ) كفرة (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أى عهد موقت أو مؤبد (فَدِيَةٌ) أى فعلى قاتله دية (مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) من أهل الإسلام إن وجدوا ولعل تقديم هذا الحكم ههنا مع تأخيره فيما سلف للإشعار بالمسارعة إلى تسليم الدية تحاشيا عن توهم نقض الميثاق (وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) كما هو حكم سائر المسلمين ولعل إفراده بالذكر مع اندراجه فى حكم ما سبق من قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) الخ لبيان أن كونه فيما بين المعاهدين لا يمنع وجوب الدية كما منعه كونه فيما بين المحاربين وقيل المراد بالمقتول الذمى أو المعاهد لئلا يلزم التكرار بلا فائدة ولا التوريث بين المسلم والكافر وقد عرفت عدم لزومهما (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أى رقبة ليحررها بأن لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها من الثمن (فَصِيامُ) أى فعليه صيام (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) لم يتخلل بين يومين من أيامهما إفطار (تَوْبَةً) نصب على أنه مفعول له أى شرع لكم ذلك توبة أى قبولا لها من تاب الله عليه إذا قبل توبته أو مصدر مؤكد لفعل محذوف أى تاب عليكم توبة وقيل على أنه حال من الضمير المجرور فى عليه بحذف المضاف أى فعليه صيام شهرين ذا توبة وقوله تعالى (مِنَ اللهِ) متعلق بمحذوف وقع صفة لتوبة أى كائنة منه تعالى (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بجميع الأشياء التى من جملتها حاله (حَكِيماً) فى كل ما شرع وقضى من الشرائع والأحكام التى من جملتها ما شرعه فى شأنه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) لما بين حكم القتل خطأ وفصل أقسامه الثلاثة عقب ذلك ببيان القتل عمدا خلا أن حكمه الدنيوى لما بين فى سورة البقرة اقتصر ههنا على حكمه الأخروى. روى أن مقيس بن ضبابة الكنانى وكان قد أسلم هو وأخوه هشام وجد أخاه قتيلا فى بنى النجار فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكر له القصة فأرسل عليهالسلام معه زبير بن عياض الفهرى وكان من أصحاب بدر إلى بنى النجار يأمرهم بتسليم القاتل إلى مقيس ليقتص منه إن علموه وبأداء الدية إن لم يعلموه فقالوا سمعا وطاعة لله تعالى ولرسوله عليهالسلام ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدى ديته فأتوه بمائة من الإبل فانصرفا راجعين إلى المدينة حتى إذا كانا ببعض الطريق أنى الشيطان مقيسا فوسوس إليه فقال أتقبل دية أخيك فيكون مسبة عليك اقتل الذى معك فيكون نفسا بنفس وفضل الدية فتغفل الفهرى فرماه بصخرة فشدخه ثم ركب بعيرا من الإبل واستاق بقيتها راجعا إلى مكة كافرا وهو يقول [قتلت به فهرا وحملت عقله سراة بنى النجار أصحاب قارع] [وأدركت ثأرى واضطجعت موسدا وكنت إلى الأوثان أول راجع] فنزلت وهو الذى استثناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح ممن أمنه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة وقوله تعالى (مُتَعَمِّداً) حال من فاعل (يَقْتُلْ) وروى عن الكسائى سكون التاء كأنه فرمن توالى الحركات (فَجَزاؤُهُ) الذى يستحقه بجنايته