(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦) وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) (١٢٧)
____________________________________
بمعنى الخصلة فإنهما يتوافقان فى الخصال وفائدة الاعتراض جمة من جملتها الترغيب فى اتباع ملته عليهالسلام فإن من بلغ من الزلفى عند الله تعالى مبلغا مصححا لتسميته خليلا حقيق بأن يكون اتباع طريقته أهم ما يمتد إليه أعناق الهمم وأشرف ما يرمق نحوه أحداق الأمم قيل إنه عليه الصلاة والسلام بعث إلى خليل له بمصر فى أزمة أصابت الناس يمتار منه فقال خليله لو كان إبراهيم يطلب الميرة لنفسه لفعلت ولكنه يريدها للأضياف وقد أصابنا ما أصاب الناس من الشدة فرجع غلمانه عليه الصلاة والسلام فاجتازوا ببطحاء لينة فملئوا منها الغرائر حياء من الناس وجاؤا بها إلى منزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام وألقوها فيه وتفرقوا وجاء أحدهم فأخبر إبراهيم بالقصة فاغتم لذلك غما شديدا لا سيما لاجتماع الناس ببابه رجاء الطعام فغلبه عيناه وعمدت سارة إلى الغرائر فإذا فيها أجود ما يكون من الحوارى فاختبزت وفى رواية فأطعمت الناس وانتبه إبراهيم عليهالسلام فاشتم رائحة الخبز فقال من أين لكم قالت سارة من خليلك المصرى فقال بل من عند خليلى الله عزوجل فسماه الله تعالى خليلا (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) جملة مبتدأة سيقت لتقرير وجوب طاعة الله تعالى على أهل السموات والأرض ببيان أن جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا لا يخرج عن ملكوته شىء منها فيجازى كلا بموجب أعماله خيرا وشرا وقيل لبيان أن اتخاذه عزوجل لإبراهيم عليهالسلام خليلا ليس لاحتياجه سبحانه إلى ذلك فى شأن من شئونه كما هو دأب الآدميين فإن مدار خلتهم افتقار بعضهم إلى بعض فى مصالحهم بل لمجرد تكرمته وتشريفه عليهالسلام وقيل لبيان أن الخلة لا تخرجه عن رتبة العبودية وقيل لبيان أن اصطفاءه عليهالسلام للخلة بمحض مشيئته تعالى أى له تعالى ما فيهما جميعا يختار منهما ما يشاء لمن يشاء وقوله عزوجل (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) تذييل مقرر لمضمون ما قبله على الوجوه المذكورة فإن إحاطته تعالى علما وقدرة بجميع الأشياء التى من جملتها ما فيهما من المكلفين وأعمالهم مما يقرر ذلك أكمل تقرير (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) أى فى حقهن على الإطلاق كما ينبىء عنه الأحكام الآتية لا فى حق ميراثهن خاصة فإنه صلىاللهعليهوسلم قد سئل عن أحوال كثيرة مما يتعلق بهن فما بين حكمه فيما سلف أحيل بيانه على ما ورد فى ذلك من الكتاب وما لم يبين حكمه بعد بين ههنا وذلك قوله تعالى (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) بإسناد الإفتاء الذى هو تبيين المبهم وتوضيح المشكل إليه تعالى وإلى ما تلى من الكتاب فيما سبق باعتبارين على طريقة قولك أغنانى زيد وعطاؤه بعطف ما على المبتدأ أو ضميره فى الخبر لمكان الفصل بالمفعول والجار