(فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢) أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣) قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٨٤)
____________________________________
عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) أى عهدى سمى به لأنه يؤصر أى يشد وقرىء بضم الهمزة إمالغة كعبر وعبر أو جمع إصار وهو ما يشد به (قالُوا) استئناف مبنى على السؤال كأنه قيل فماذا قالوا عند ذلك فقيل قالوا (أَقْرَرْنا) وإنما لم يذكر أخذهم الإصر اكتفاء بذلك (قالَ) تعالى (فَاشْهَدُوا) أى فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار وقيل الخطاب فيه للملائكة (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أى وأنا أيضا على إقراركم ذلك وتشاهدكم شاهد وإدخال مع على المخاطبين لما أنهم المباشرون للشهادة حقيقة وفيه من التأكيد والتحذير ما لا يخفى (فَمَنْ تَوَلَّى) أى أعرض عما ذكر (بَعْدَ ذلِكَ) الميثاق والتوكيد بالإقرار والشهادة فمعنى البعد فى اسم الإشارة لتفخيم الميثاق (فَأُولئِكَ) إشارة إلى من والجمع باعتبار المعنى كما أن الإفراد فى تولى باعتبار اللفظ وما فيه من معنى البعد للدلالة على ترامى أمرهم فى السوء وبعد منزلتهم فى الشر والفساد أى فأولئك المتولون المتصفون بالصفات القبيحة (هُمُ الْفاسِقُونَ) المتمردون الخارجون عن الطاعة من الكفرة فإن الفاسق من كل طائفة من كان متجاوزا عن الحد (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) عطف على مقدر أى أيتولون فيبغون غير دين الله وتقديم المفعول لأنه المقصود إنكاره أو على الجملة المتقدمة والهمزة متوسطة بينهما للإنكار وقرىء بتاء الخطاب على تقدير وقل لهم (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جملة حالية مفيدة لو كادة الإنكار (طَوْعاً وَكَرْهاً) أى طائعين بالنظر واتباع الحجة وكارهين بالسيف ومعاينة ما يلجىء إلى الإسلام كنتق الجبل وإدراك الغرق والإشراف على الموت أو مختارين كالملائكة والمؤمنين والمؤمنين ومسخرين كالكفرة فإنهم لا يقدرون على الامتناع عما قضى عليهم (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) أى من فيهما والجمع باعتبار المعنى وقرىء بتاء الخطاب والجملة إما معطوفة على ما قبلها منصوبة على الحالية وإما مستأنفة سيقت للتهديد والوعيد (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ) أمر للرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يخبر عن نفسه ومن معه من المؤمنين بالإيمان بما ذكر وجمع الضمير فى قوله تعالى (وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) وهو القرآن لما أنه منزل عليهم أيضا بتوسط تبليغه إليهم أو لأن المنسوب إلى واحد من الجماعة قد ينسب إلى الكل أو عن نفسه فقط وهو الأنسب بما بعده والجمع لإظهار جلالة قدره عليهالسلام ورفعة محله بأمره بأن يتكلم عن نفسه على ديدن الملوك ويجوز أن يكون الأمر عاما والإفراد لتشريفه عليهالسلام والإيذان بأنه عليهالسلام أصل فى ذلك كما فى قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) من الصحف والنزول كما يعدى بإلى لانتهائه إلى الرسل يعدى بعلى لأنه من