أو اللاوقوع بل تحمل على اعتبار حال السامع أو أمر آخر يناسب المقام وتقديم تقدير الموت مع أن تقدير القتل هو الذى ثار منه الفتنة وعظم فيه المحنة لما أن الموت فى شرف الوقوع فزجر الناس عن الانقلاب عنده وحملهم على التثبت هناك أهم ولأن الوصف الجامع بينه وبين الرسل عليهمالسلام هو الخلو بالموت دون القتل. روى أنه لما التقى الفئتان حمل أبو دجانة فى نفر من المسلمين على المشركين فقاتل قتالا شديدا وقاتل على بن أبى طالب رضى الله عنه قتالا عظيما حتى التوى سيفه وكذا سعد بن أبى وقاص فقتلوا جماعة من المشركين وهزموهم فلما نظر الرماة إليهم ورأوا أنهم قد انهزموا أقبلوا على النهب ولم يلتفتوا إلى نهى أميرهم عبد الله بن جبير فلم يبق منهم عنده إلا ثمانية نفر فلما رآهم خالد بن الوليد قد اشتغلوا بالغنيمة حمل عليهم فى مائتين وخمسين فارسا من المشركين من قبل الشعب وقتلوا من بقى من الرماة ودخلوا خلف أقفية المسلمين ففرقوهم وهزموهم وحملوا على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقاتلوهم حتى أصيب هناك نحو ثلاثين رجلا كل منهم يجثوا بين يديه ويقول وجهى لوجهك وقاء ونفسى لنفسك فداء وعليك سلام الله غير مودع ورمى عبد الله بن قميئة الحارثى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحجر فكسر رباعيته وشج وجهه الكريم فذب عنه مصعب بن عمير رضى الله عنه وكان صاحب الراية حتى قتله ابن قميئة وهو يزعم أنه قتل النبى صلىاللهعليهوسلم فقال قتلت محمدا وصرخ صارخ قيل إنه إبليس ألا إن محمدا قد قتل فانكفأ الناس وجعل الرسول صلىاللهعليهوسلم يدعو إلى عباد الله قال كعب بن مالك كنت أول من عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المسلمين فناديت بأعلى صوتى يا معشر المسلمين هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فانحاز إليه ثلاثون من أصحابه وحموه حتى كشفوا عنه المشركين وتفرق الباقون وقال بعضهم ليت بن أبى يأخذ لنا أمانا من أبى سفيان وقال ناس من المنافقين لو كان نبيا لما قتل ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم فقال أنس بن النضر وهو عم أنس بن مالك يا قوم إن كان قتل محمد فإن رب محمد حى لا يموت وما تصنعون بالحياة بعد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا كراما على مامات عليه ثم قال اللهم إنى أعتذر إليك مما يقول هؤلاء وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ثم شد بسيفه وقاتل حتى قتل وتجويزهم لقتله عليه الصلاة والسلام مع قوله تعالى (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) لما أن كل آية ليس يسمعها كل أحد ولا كل من يسمعها يستحضرها فى كل مقام لا سيما فى مثل ذلك المقام الهائل وقد غفل عمر رضى الله عنه عن هذه الآية الكريمة عند وفاته عليه الصلاة والسلام وقام فى الناس فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم توفى وإن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع والله ليرجعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولأقطعن أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مات ولم يزل يكرر ذلك إلى أن قام أبو بكر رضى الله عنه فحمد الله عزوجل وأثنى عليه ثم قال أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت ثم تلا وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية قال الراوى والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى تلاها أبو بكر وقال عمر رضى الله عنه والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر رضى الله عنه يتلو فعقرت حتى ما تحملى رجلاى وعرفت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد مات (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ) بإدباره عما كان يقبل عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أمر الجهاد وغيره