وتكون كلمة الله هي كلمة الفصل ، لأنه الشاهد الحيّ على كل ما يختلفون فيه من عالم الغيب والشهود ، لأن الغيب عندهم هو حقيقة الشهود عند الله.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) وهذا هو المصطلح الذي يستخدمه القرآن للدلالة على المسلمين الذين التزموا شريعة الإسلام ، بإيمانهم بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (وَالَّذِينَ هادُوا) وهم اليهود المنتسبون إلى موسى الملتزمون بالتوراة ، (وَالصَّابِئِينَ) الدين هم عبدة الكواكب من الوثنيين أو هم قوم متوسطون بين اليهودية والمجوسية ولهم كتاب ينسبونه إلى يحيى بن زكريا النبي ـ عليهالسلام كما قيل ـ (وَالنَّصارى) وهم المؤمنون بعيسى عليهالسلام ومن قبله من الأنبياء ويلتزمون بالإنجيل ، كما يلتزمون بالتوراة ، (وَالْمَجُوسَ) وهم المؤمنون بزرادشت ، وكتابهم المقدس «أوستا» (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) وهم عبدة الأوثان .. كل هؤلاء الذين يقوم النزاع بينهم في الحياة على قاعدة العصبيّة الضيّقة التي تحبسهم في دائرة ذواتهم ومصالحهم ، فلا يحاورون بغية الوصول إلى الحق ، ولا يواجهون قضاياهم العقيدية والعملية بالفكر ، ويبقى كل واحد منهم مكانه ، لا يسمح لأحد بمناقشته في ما هو الخطأ والصواب ، لأن الانتماء عنده موقع ذاتي ، ودائرة ضيقة ، لإمكان فيها لأيّ عنوان فكريّ في العمق وفي الامتداد ، مما يؤدي إلى التقاتل والتحاقد وهلاك الحياة من حولهم ، (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) في ما يحكم بينهم ، وفي ما يثيره أمامهم من وضوح الرؤية للأشياء التي كانت خفيّة عنهم ، أو بعيدة عن مواقع وعيهم ، فلا يبقى هناك مجال لشبهة ، ولا موقع لريب ، بل هي الحقيقة الإلهية الواضحة كما النهار ، المشرقة كما الشمس ، في حدود النبوّات الزمنيّة ، وفي طبيعة الرسل الرسالية بما هي الكتب في حقائقها التي تتمرد على الانحراف والتحريف ، وبما هي حقيقة الربوبية التي تتعالى عن الشرك والوثنية ، ليعرف الجميع كيف تبرز الحقيقة الواحدة ، وكيف يتلاشى الضباب من موقع الصحو الروحي الباحث أبدا عن الذوبان في آفاق الله (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، لأنه يملك