الحضور كله في أدقّ الأشياء وأخفاها ، وأوضح الأمور وأجلاها ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وفي هذه الآية لون من ألوان التهديد الإيحائي الموجّه إلى من انحرفوا عن الحقيقة وهم قادرون على الاستقامة ، وعاشوا في الضباب وهم في مواقع الصحو ، واتجهوا إلى الضلال وهم يملكون إمكانية الاتجاه إلى الهدى ، فيقول لهم الله : إنهم إذا كانوا يلتزمون ما يلتزمونه من ضلال وانحراف انطلاقا من حالة تعصب أو ضيق أفق ، أو طمع ، ويرفضون اللقاء بالحق والهدى والاستقامة ، تمردا وتكبرا واستعلاء ، ولا يقبلون بالحسم الفاصل بينهم في الموقف والموقع ، سيلتقون غدا بالموقع الحق الذي يقفون فيه بين يدي الله ليفصل بينهم في ما كانوا فيه يختلفون ، وليعرفوا أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ، لأن الله هو الذي يملك الأمر كله.
* * *