الحصن ، فقال أكيدر : والله ما رأيت بقرا جاءتنا ليلا غير هذه الليلة لقد كنت أضمر لها الخيل إذا أردتها شهرا أو أكثر ، ثم نزل فركب بالرجال والآلة ، فلما فصلوا من الحصن وخيل خالد تنظر إليهم لا يصهل منها فرس ولم يتحرك فساعة فصل أخذته الخيل فاستؤسر أكيدر.
ومن أعلامه صلىاللهعليهوسلم : أنه لما قاضى سهيل بن عمرو بالحديبية حين صدته قريش عن العمرة وكتبت بينه وبينه القضية (١٦) قال لعلي كرم الله وجهه اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو ، فقال سهيل : لو أعلم أنك رسول الله ما صددتك ولكن أقدمك لشرفك اكتب محمد بن عبد الله ، فقال : يا علي امح رسول الله ، فقال علي : لا أستطيع أن أمحو اسمك من النبوة ، فمدّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده إلى الموضع فمحاه وقال لعلي ستسام مثلها فتجيب ، فقيل له مثلها يوم الحكمين حين ذكر في كتاب التحكيم هذا ما تحاكم عليه علي أمير المؤمنين فقال له عمرو : لو سلمنا إنك أمير المؤمنين ما نازعناك ، فمحا أمير المؤمنين ، ولما قال سهيل ذلك قال عمر : يا رسول الله دعني أنزع ثنيي سهل لنلثغ لسانه فلا يقوم علينا خطيبا أبدا.
وكان سهيل أعلم الشفة (١٧) السفلى فكان خطيبا بينا ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : دعه يا عمر فعسى أن يقوم لك مقاما تحمده ، فكان من حسن قيامه بمكة حين هاج أهلها بموت رسول الله صلىاللهعليهوسلم واستخفى عتاب بن أسيد ما حمد أثره.
ومن أعلامه صلىاللهعليهوسلم : ما حكاه السدي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان» فأتاه الحطم بن هند البكري وحده وخلف خيله خارجة من المدينة فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم د فقال : «إلى ما تدعو»؟ فأخبره فقال : أنظرني فلي من أشاوره ، فخرج من عنده فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد دخل بوجه كافر وخرج بعتب غادر» ، فمر بسرح من سرح المدينة فاستاقه وانطلق مرتجزا يقول :
__________________
(١٦) اتفاقية صلح الحديبية.
(١٧) أعلم الشفة : متدلية كأنها علامة فارقة.