موجود صورة وشكل ، لأنه لا صورة عند الخيال من نفسه ولا شكل عند الوهم من نفسه.
الحجة الرابعة : ان أجلى (٣) العلوم البديهية الأولية : أن النفى والاثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان. وهذا العلم لا بد وأن يكون مسبوقا بتصور معنى النفى والاثبات. فهل يتمكن العقل من أن يقول : ان معنى النفى لا بد وأن يكون ساريا فى معنى الاثبات أو مباينا عنه بالجهة والحيز ، بل هذا الحكم ممتنع لذاته؟ فعلمنا : أن استحضار متصورين فى العقل بحيث لا يكون أحدهما ساريا فى الآخر ، أو مباينا عنه بالجهة أمر جائز.
الحجة الخامسة : ان صريح العقل يشهد بأن كل موجودين يفرضان. فاما أن يكون أحدهما ساريا فى الآخر ، او مباينا عنه فى الجهة ، أو لا سريا فى الآخر ، ولا مباينا عنه بالجهة. وهذا القسم الثالث لا شك أنه حاصل بحسب القسمة العقلية. واذا رجعنا الى أنفسنا لم نجد البتة فى عقولنا نبوة عن اثبات هذا القسم الثالث ، بل نجد العقل متوقفا فيه بالنفى (٤) والاثبات ، طالبا للحجة على الجزم باثباته ، (٥) الجزم بامتناعه. فعلمنا أن امتناع هذا القسم ليس من الأوليات.
الحجة السادسة : ان عقلنا يشير الى ماهيات. مع أنا نعلم بالضرورة : أن ليس لتلك الماهيات أحياز ، ولا جهات. فان ماهيات الأعداد مثل مسمى الواحد ومسمى الاثنين ، وكذا مسمى مراتب الأعداد ، أمور يدركها العقل. ولا يمكنه أن يحكم على ماهية الواحد من حيث انه واحد ، بأن مكانه هو موضع كذا ومقداره هو مقدار كذا ، بل يعقل العقل هذه الماهيات ، ولا يعتبر معها البتة لا مقدارا ،
__________________
(٣) آجل : ا
(٤) بين : ب
(٥) أو : ا