والجواب عن الشبهة الأولى : لا شك أن قسمة العقل تقتضى انقسام الموجودات الى ثلاثة أقسام. وذلك لأن كل موجودين فاما أن يكون أحدهما ساريا فى الآخر أو مباينا عنه بالحيز والجهة ، أو لا ساريا فيه ولا مباينا عنه بالحيز. فان ادعيتم أن القسم الثالث ممتنع الوجود ـ والعلم بامتناعه ضرورى ـ فقد ابطلناه. وأن سلمتم أن ابطال هذا القسم الثالث ليس معلوما بالضرورة ، بل بالدليل. فنقول : قولكم : ان كل موجودين اما أن يكون أحدهما ساريا فى الآخر ، أو مباينا عنه بالجهة ، انما يصح عليه ، لو ثبت فساد القسم الثالث. فانكم اذا أثبتم فساد القسم الثالث بهذه المقدمة ، وقع الدور. فيكون ساقطا.
وأما الجواب عن الشبهة الثانية : فنقول : لم لا يجوز أن يكون كون (١٠) الجسم مختصا بالخير والجهة بذاته المخصوصة لا لوصف آخر؟ وذلك لأن اختصاص الذات بالصفة. لو كان لأجل صفة أخرى ، لزم التسلسل. فلا بد من الانتهاء الى ما يكون ثابتا له لذاته. فلم لا يجوز أن يكون كون الجسم مختصا بالحيز والجهة من هذا الباب؟
والجواب عن الشبهة الثالثة : وهى قولهم : أشرف الجهات جهة العلو ـ
فنقول : هذا الكلام ساقط من وجوه :
الأول : ان هذا الكلام مقدمة خطابية ، فلا يلتفت إليها فى العقليات.
والثانى : انا قد بينا أنه لما كان العالم كرة ، كان كل جهة يشار
__________________
(١٠) لكل : ا