الحجة الأولى : ان كل ما كان من صفات الله تعالى ، فلا بد وأن يكون من صفات الكمال ونعوت الجلال ، فلو كانت صفة من صفاته محدثة ، لكان ذاته قبل حدوث تلك الصفة خاليا عن صفة الكمال. والخالى عن صفة الكمال ناقص ، فيلزم أن ذاته كانت ناقصة قبل حدوث تلك الصفة فيها. وذلك محال. فثبت : أن حدوث الصفة فى ذات الله تعالى محال.
الحجة الثانية : لو كانت ذاته قابلة للصفة المحدثة ، لكانت تلك القابلية من لوازم ذاته ، وكانت تلك القابلية أزلية ـ وثبوت القابلية يستلزم صحة وجود المقبول ـ فلو كانت قابلية الحوادث أزلية ، لكان وجود الحوادث فى الأزل ممكنا. الا أن هذا محال. لان الحوادث ما لها أول ، والأزل لا أول له. والجمع بينهما محال.
واعلم : ان هذا الدليل مبنى على ثلاث مقدمات :
المقدمة الأولى : انه لو كانت ذاته قابلة للصفة المحدثة ، لكانت تلك القابلية من لوازم ذاته. والدليل عليه : أنها لو لم تكن من اللوازم لكانت من العوارض. فكانت الذات قابلة لتلك القابلية ، فقبول (١) تلك القابلية ان كان من اللوازم ، فهو المقصود ، وان كان من العوارض ، فيفتقر الى قابلية أخرى. ويلزم اما التسلسل ، واما الانتهاء الى قابلية تكون من لوازم الذات. وهو المطلوب.
المقدمة الثانية : ان القابلية اذا كانت أزلية (٢) وجب أن يكون المقبول صحيح الوجود فى الأزل. والدليل عليه : ان كون الشيء قابلا لغيره ، نسبة بين القابل والمقبول. والنسبة بين المنتسبين متوقفة
__________________
(١) فنقول : ب
(٢) لذاته : ب