الجواب عن الشبهة الأولى. وتمام الكشف والتحقيق : انا ذكرنا فى المقدمات : أن المراد من الرؤية : أن يحصل لنا انكشاف بالنسبة الى ذاته مخصوصة. وهو يجرى مجرى الانكشاف الحاصل عند ابصار الألوان والأضواء. واذا كان الأمر كذلك ، فاذا الانكشاف يجب أن يكون على وفق المكشوف. فان كان المكشوف مخصوصا بالجهة ، والحيز ، وجب أن يكون الانكشاف كذلك. وان كان المكشوف منزها عن الجهة ، وجب أن يكون انكشافه منزها عن الحيز والجهة.
وأما الشبهة الثالثة : فجوابها أيضا على هذا القانون. فالرؤية عبارة عن هذا الانكشاف التام. فان كان الشيء له صورة كان انكشافه بانكشاف صورته ولونه ، وان كان منزها عن الصورة واللون ، كان انكشاف كذلك أيضا. لأن شرط الانكشاف أن يحصل على وفق ماهية المكشوف (١٤)].
وهذا هو الجواب بعينه عن الشبهة الرابعة.
* * *
واعلم : أن من تأمل فى هذه الكلمات على سبيل الانصاف ، علم قطعا : أنه ليس للمعتزلة فى نفى الرؤية شبهة تحيله البتة. وبالله التوفيق (١٥).
__________________
(١٤) من أول مع أنا نراها حال الاجتماع الى ماهية المكشوف ساقط من ب
(١٥) اعلم : أن علماء بنى اسرائيل يصرحون فى كتبهم بأنهم اخذوا علم الكلام عن معتزلة المسلمين. ولم يأخذوا عن الأشاعرة شيئا. وسأبين هنا : أنهم أخذوا عن علماء المعتزلة فى خلق القرآن ، وفى نفى رؤية الله تعالى.
أولا : يقول مؤلف دلالة الحائرين المتوفى سنة ٦٠٣ ه : اعلم : أن العلوم الكثيرة التى كانت فى ملتنا فى تحقيق هذه الأمور ، تلفت