وأما ان كانت الإرادة مشروطة بوقت معين. مثل أن يقال : انه تعالى أراد ايجاد العالم فى وقت معين ، فذلك الوقت ان كان حاضرا فى الأزل لزم حصول ذلك المراد ، فى الأزل. وان لم يكن حاضرا فى الأزل كان حادثا. فحينئذ ينتقل الكلام الى كيفية ارادته لاحداث ذلك الوقت. فان كانت تلك الإرادة مشروطة بوقت آخر ، لزم التسلسل. وهو محال.
وأما الجواب الثانى : فهو أيضا ضعيف من وجهين :
الأول : ان العلم بحدوث العالم فى ذلك الوقت ، تبع لحدوث العالم فى ذلك الوقت. لان العلم تبع للمعلوم. وحدوث العالم فى ذلك الوقت ، تبع لارادة احداثه فى ذلك الوقت. فلو جعلنا إرادة احداثه فى ذلك الوقت ، تبعا لعلمه بوقوع العالم فى ذلك الوقت : لزم الدور.
الثانى : ان علم الله تعالى لما تعلق بحدوث العالم فى وقت معين ، وبعدم حدوثه فى وقت آخر. تغير المعلوم. وتغير المعلوم محال. فحينئذ يمتنع عقلا أن لا يحدثه فى ذلك الوقت الّذي علم حدوثه فيه ، ويمتنع عقلا أن يحدثه فى الوقت الّذي علم أنه لا يحدثه فيه. فهذا المؤثر لا يكون فاعلا مختارا ، بل يكون موجبا بالذات.
وأما الجواب الثالث : وهو أن حدوث العالم انما اختص بذلك الوقت لاختصاص ذلك الوقت بمصلحة لا توجد فى سائر الأوقات. فهو أيضا ضعيف من وجهين :
الأول : ان حدوث العالم لما توقف على حضور ذلك الوقت المختص بتلك المصلحة. فحدوث ذلك الوقت ان كان لا لمحدث ، فهو نفى الصانع. وان كان لمحدث ، فالسؤال عائد فى أنه لم لم يحدث قبل ذلك الوقت أو بعده؟ ويلزم التسلسل. وأيضا : فالمصلحة الحاصلة فى ذلك الوقت