ان كانت حاصلة قبل ذلك الوقت ، فما لأجله حدث العالم كان حاصلا قبل ذلك الوقت ، فيلزم أن يحدث العالم قبل أن حدث. وانه محال. وان قلنا : ان تلك المصلحة ما كانت حاصلة قبل ذلك الوقت ، وانما حصلت فى ذلك الوقت. فاما أن يقال : انه حدثت تلك المصلحة فى ذلك الوقت ، مع وجوب أن تحدث ، أو مع جواز أن تحدث. فان كان الأول فقد جوزتم أن يحدث الشيء لذاته. واذا جاز ذلك فى بعض الأمور ، جاز مثله فى كلها ويلزم نفى الصانع. وهو محال. وان كان الثانى ، افتقر اختصاص ذلك الوقت بتلك المصلحة ، الى مخصص آخر. والكلام فيه كما فى الأول ويلزم التسلسل. وهو محال أيضا.
والثانى : وهو ان مع العلم باشتمال ذلك الوقت على تلك المصلحة ، اما أن يكون الترك ممكنا أو لا يكون. فان لم يكن ممكنا كان المؤثر موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار. وان كان الترك ممكنا ، فلما كان الترك والفعل ممكنين مع ذلك الداعى. فان توقف على مرجح آخر كان الكلام فيه كما فى الأول ويلزم التسلسل. وان لم يتوقف كان الممكن واقعا لا عن مرجح.
لا يقال : الفعل مع هذا الداعى يصير أولى بالوقوع. ولا تنتهى الأولوية الى حد الوجوب. لأنا نقول : القول بهذه الأولوية سيأتى ابطاله ان شاء الله تعالى فى مسألة خلق الأفعال (٢٠).
وأما الجواب الرابع : وهو ان حضور الأزل كان مانعا من الايجاد. فهو أيضا ضعيف من وجهين :
الأول : ان مسمى الأزل الّذي جعلتموه مانعا من الايجاد ، اما أن يكون واجبا لذاته أو ممكنا لذاته. فان كان الأول امتنع زواله. وكان
__________________
(٢٠) الأعمال : أ.