يجب أن لا يزول ذلك الامتناع. هذا خلف. وان كان ممكنا لذاته. فلا بد لحصوله من سبب. والكلام فيه كما فى الأول ، ولا ينقطع حتى ينتهى الى الواجب لذاته. وحينئذ يعود المحذور المذكور.
والثانى : ان عدم العالم فى الأزل الى وقت حدوثه ، نفى محض والنفى المحض لا يكون فيه اختلاف وامتياز ، فامتنع القول بأن ذلك العدم فى الأزل مانع من الفعل ، وفى لا يزال غير مانع منه.
وأما الجواب الخامس : وهو أن العالم ما كان ممكن الوجود ، قبل أن وجد. فهو أيضا ضعيف من وجهين :
الأول : ان هذا يقتضي أن يقال : انه كان ممتنع الوجود لذاته ، ثم انقلب ممكنا لذاته. وهذا يقتضي انقلاب الحقائق. وهو محال.
الثانى : ان حال الماهية من حيث هى هى ، لا تختلف. فان ثبت كونها قابلة للوجود فى بعض الأوقات ، ثبت أنها من حيث هى هى ، قابلة للوجود أبدا. فكانت ممكنة أبدا ، فيمتنع أن يكون حصول ذلك الامكان مخصوصا بوقت دون وقت.
وأما الجواب السادس : وهو قولهم : «القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر ، من غير مرجح» فهو أيضا ضعيف من وجهين :
الأول : انه لما استوى الأمران ، بالنسبة إليه. ثم وقع أحدهما دون الآخر ، من غير مرجح. كان وقوع ذلك الفعل اتفاقيا لا اختياريا. وان جاز ذلك ، فليجز مثله فى سائر الحوادث. وذلك يقتضي استغناء الحدوث عن المرجح.
الثانى : وهو أن القادر على الفعل والترك ، اذا استوى الفعل والترك بالنسبة إليه. فاما أن يقال : انه لا يرجح أحد الطرفين على