الآخر ، الا اذا خص ذلك القادر ، ذلك الطرف بنوع ترجيح ، أو يقال : أنه يرجح أحد الطرفين على الآخر ، وان لم يخص ذلك القادر ذلك الطرف بنوع ترجيح. فان كان الأول فحينئذ يتوقف رجحان ذلك الطرف على الطرف الآخر ، على انضياف ذلك المرجح إليه. وحينئذ يعود الاشكال من الرأس. وهو أن ذلك المرجح. هل كان حاصلا فى الأزل ، أو ما كان حاصلا فى الأزل؟ فان كان الحق هو الثانى. كان معنا ، أنه يترجح أحد مقدورية على الآخر ، من غير أن يكون ذلك الرجحان ، لسبب ترجيحه. وحينئذ لا يكون ذلك الفعل واقعا بايقاعه بل يكون واقعا من غير سبب. وذلك يقتضي استغناء الفعل عن الفاعل.
وبهذا الحرف يظهر ضعف كلامهم فى التمثيل بالهارب من السبع ، اذا عن له طريقان وبالعطشان اذا خير بين شرب قدحين. لأن فى هذه الصورة يعلم كل أحد أنه ما لم يحضر فى قلبه إرادة الذهاب فى أحد الطريقين ، وإرادة شرب أحد القدحين ، فانه لا يترجح ذلك الطريق على الثانى ، ولا يترجح ذلك القدح على الثانى. فظهر بهذا ان حصول الترجيح من غير المرجح. اما أن يكون محالا ، واما أن يلزم منه نفى المؤثرات والتأثرات. وذلك يوجب نفى الصانع بالكلية. وهو باطل.
فهذا تمام الكلام فى تقرير هذه الشبهة. وهى فى الحقيقة أعظم شبه الفلاسفة فى هذه المسألة.
والشبهة الثانية لهم فى هذه المسألة : قالوا : المفهوم من كون الواجب مؤثرا فى العالم ، أمر مغاير لذات واجب الوجود ، ولذات العالم. ويدل عليه وجوه :
أحدها : انه يمكنا أن نعقل ذات واجب الوجود ، ونعقل ذات العالم ، مع الشك فى أن واجب الوجود مؤثر فى العالم. ومع الشك