فى أن ذات العالم أثر واجب الوجود. واذا أمكن تعقل الذاتين حال كون المؤثرية والأثرية (٢١) مجهولة. علمنا : أن كون الواجب مؤثرا فى وجود العالم ، وكون العالم ، أثرا لواجب الوجود ، أمر مغاير للذاتين.
وثانيها : ان كون أحد الذاتين مؤثرة فى الأخرى : نسبة بين الذاتين. والنسبة بين الشيئين متوقفة عليهما. والمتوقف على الشيء مغاير له. فهذه المؤثرية والأثرية وصفان مغايران للذاتين.
وثالثها : أنا نقول : هذه الذات مؤثرة فى تلك. فنحكم على تلك الذات بالمؤثرية. والمحكوم عليه مغاير للمحكوم به لا محالة.
ورابعها : أنا نقول : هذه الذات صارت مؤثرة فى الأثر الفلانى ، بعد أن كانت غير مؤثرة فيه. فتجدد صفة المؤثرية مع كون الذات موجودة قبل ، يدل على أن صفة المؤثرية مغايرة لتلك الذات.
لا يقال : لم لا يجوز أن يكون المراد من كونها مؤثرة فى ذلك الأثر ، نفس حصول ذلك الأثر؟ لأنا نقول : هذا باطل. فانا نقول : انما وجد هذا الأثر ، لأجل أن هذا المؤثر أثر فى وجوده. فعللنا وجوده لمؤثرية المؤثر فيه. فلو كانت مؤثرية المؤثر عبارة عن وجود الأثر ، لكان ذلك تعليلا لوجود الأثر بنفسه. وانه محال. واذا ثبت أن كون واجب الوجود مؤثرا فى وجود العالم : وصف زائد على الذات فنقول : هذا الوصف لا جائز أن يكون وصفا سلبيا ، لأن قولنا الشيء الفلانى أثر فى كذا ، نقيض لقولنا انه ما أثر فى كذا. ولما كان قولنا ما أثر فى كذا سلبيا محضا ، وجب أن يكون قولنا انه أثر فى كذا : وصفا ثبوتيا زائدا على الذات.
__________________
(٢١) المؤثرية : سقط أ.