مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وأبو رجاء ، وأبو الجوزاء : «بل أتيناهم بذكراهم فهم عن ذكراهم معرضون» بألف فيهما. (أَمْ تَسْأَلُهُمْ) عمّا جئتهم به (خَرْجاً) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم : «خرجا» بغير ألف «فخراج» بألف. وقرأ ابن عامر : «خرجا» «فخرج» بغير ألف في الحرفين. وقرأ حمزة والكسائي «خراجا» بألف «فخراج» بألف في الحرفين. ومعنى «خرجا» : أجرا ومالا ، (فَخَراجُ رَبِّكَ) أي ؛ فما يعطيك ربّك من أجره وثوابه (خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أي : أفضل من أعطى ؛ وهذا على سبيل التّنبيه لهم أنه لم يسألهم أجرا ، لا أنه قد سألهم. والنّاكب : العادل ؛ يقال : نكب عن الطريق ، أي : عدل عنه.
(وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤) وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧))
قوله تعالى : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ).
(١٠١٧) قال ابن عباس : الضّرّ ها هنا : الجوع الذي نزل بأهل مكّة حين دعا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهمّ أعنّي على قريش بسنين كسني يوسف» ، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشكا إليه الضّرّ ، وأنهم قد أكلوا القدّ (١) والعظام ، فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، وهو العذاب المذكور في قوله : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ).
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه يوم بدر ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني : أنّه الجوع الذي أصابهم ، قاله مقاتل. والثالث : باب من عذاب جهنّم في الآخرة ، حكاه الماوردي.
قوله تعالى : (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو المتوكّل ، وأبو نهيك ، ومعاذ القارئ : «مبلسون» بفتح اللام. وقد شرحنا معنى المبلس في سورة الأنعام.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) بَلْ قالُوا مِثْلَ ما
____________________________________
(١٠١٧) أخرجه الطبري ٢٥٦٣٣ عن ابن عباس به ، وفيه يحيى بن واضح ، وفيه كلام ، وعبد المؤمن بن عثمان غير قوي. وورد من وجه آخر بنحوه عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم ، فقد أكلنا العلهز ـ يعني الوبر ، والدم ـ فأنزل الله (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ ...).
أخرجه النسائي في «الكبرى» ١١٣٥٢ وفي «التفسير» ٣٧٢ والطبري ٢٥٦٣٢ والواحدي ٦٢٩ والطبراني ١١ / ٣٧٠ ح ١٢٠٣٨ والحاكم ٢ / ٣٩٤ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٩٠ من وجوه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به ، وهو حديث حسن بطرقه. ويشهد لأصله ما أخرجه البخاري ٤٨٢٤ ومسلم ٢٧٩٨ والترمذي ٣٢٥٤ وأحمد ١ / ٣٨٠ من حديث ابن مسعود وفيه «... اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ...».
__________________
(١) في «اللسان» : القدّ : السير الذي يقدّ من الجلد.