قوله تعالى : (وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) قال الزّجّاج : الثّبور مصدر ، فهو للقليل والكثير على لفظ الواحد ، كما تقول : ضربته ضربا كثيرا ، والمعنى : هلاككم أكثر من أن تدعوا مرّة واحدة.
(١٠٤٧) وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول من يكسى من أهل النار يوم القيامة إبليس ، يكسى حلّة من النّار فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريّته خلفه وهو يقول : ووا ثبوراه ، وهم ينادون : يا ثبورهم ، حتى يقفوا على النار ، فينادي : يا ثبوراه ، وينادون : يا ثبورهم ، فيقول الله عزوجل : (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً).
(قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (١٦))
قوله تعالى : (قُلْ أَذلِكَ) يعني : السّعير (خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) وهذا تنبيه على تفاوت ما بين المنزلتين ، لا على أنّ في السّعير خيرا. وقال الزّجّاج : قد وقع التّساوي بين الجنّة والنار في أنهما منزلان ، فلذلك وقع التّفضيل بينهما. قوله تعالى : (كانَتْ لَهُمْ جَزاءً) أي : ثوابا (وَمَصِيراً) أي : مرجعا. قوله تعالى : (كانَ عَلى رَبِّكَ) المشار إليه ، إمّا الدّخول ، وإمّا الخلود (وَعْداً) وعدهم الله إيّاه على ألسنة الرّسل. وفي معنى «مسؤولا» قولان : أحدهما : مطلوبا. وفي الطّالب له قولان. أحدهما : أنهم المؤمنون ، سألوا الله في الدنيا إنجاز ما وعدهم به. والثاني : أنّ الملائكة سألته ذلك لهم ، وهو قوله : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) (١). والثاني : أن معنى المسؤول : الواجب.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) قرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم : «يحشرهم» «فيقول» بالياء
____________________________________
(١٠٤٧) ضعيف. أخرجه أحمد ٣ / ١٥٢ ـ ١٥٤ ـ ٢٤٩ وابن أبي شيبة ١٣ / ١٦٨ والبزار ٣٤٩٥ «كشف» والطبري ٢٦٢٩٤ والخطيب ١١ / ٢٥٣ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٣٣٦ وأبو نعيم ٦ / ٢٥٦ من حديث أنس ، وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد وقد تفرّد به. وصححه السيوطي في «الدر» ٥ / ١١٧ فلم يصب. وقال الهيثمي في «المجمع» ١٨٦١١ : رجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد ، وقد وثق. وفيما قاله نظر إذ كان عليه أن يضعف علي بن زيد حيث ضعفه الجمهور ، وهو الذي استقر عليه ابن حجر في «التقريب» حيث قال : ضعيف. وعبارة الهيثمي توهم أنه لم يضعف ، وقد وثقه بعضهم.
__________________
(١) غافر : ٨.