قوله تعالى : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ) قد شرحناه في الحجر (١). والمجرمون ها هنا : المشركون. قوله تعالى : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) قال الفرّاء : المعنى : كي لا يؤمنوا. فأمّا العذاب الأليم ، فهو عند الموت. (فَيَقُولُوا) عند نزول العذاب (هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) أي : مؤخّرون لنؤمن ونصدّق.
(١٠٦٢) قال مقاتل : فلمّا أوعدهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعذاب ، قالوا : فمتى هو؟ تكذيبا به ، فقال الله تعالى : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ).
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) قال عكرمة : عمر الدنيا. قوله تعالى : (ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) أي : من العذاب. (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) بالعذاب في الدنيا (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) يعني : رسلا تنذرهم العذاب. (ذِكْرى) أي : موعظة وتذكيرا.
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢))
قوله تعالى : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ).
(١٠٦٣) سبب نزولها أنّ قريشا قالت : إنما تجيء بالقرآن الشياطين فتلقيه على لسان محمّد ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) أي : أن ينزلوا بالقرآن (وَما يَسْتَطِيعُونَ) أن يأتوا به من السماء ، لأنهم قد حيل بينهم وبين السّمع بالملائكة والشّهب. (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ) أي : عن الاستماع للوحي من السماء (لَمَعْزُولُونَ) فكيف ينزلون به؟! وقال عطاء : عن سماع القرآن لمحجوبون ، لأنهم يرجمون بالنجوم.
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠))
قوله تعالى : (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) قال ابن عباس : يحذّر به غيره ، يقول : أنت أكرم الخلق عليّ ، ولو اتّخذت من دوني إلها لعذّبتك.
قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).
(١٠٦٤) روى البخاريّ ومسلم من حديث أبي هريرة قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين أنزل الله تعالى
____________________________________
(١٠٦٢) لا أصل له. ذكره البغوي في «تفسيره» ٣ / ٣٩٩ عن مقاتل بدون إسناد. ومقاتل متهم بوضع الحديث.
(١٠٦٣) عزاه المصنف لمقاتل ، وهو متروك يضع الحديث.
(١٠٦٤) صحيح. أخرجه البخاري ٢٧٥٣ و ٣٥٢٧ و ٤٧٧١ ومسلم ٢٠٦ والترمذي ٣١٨٥ والنسائي ٦ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ وأحمد ٢ / ٣٣٣ وابن حبان ٦٤٦ و ٦٥٤٩ والبيهقي ٦ / ٢٨٠ والبغوي ٣٧٤٤ من طرق من حديث أبي هريرة.
واللفظ الأول للبخاري ، واللفظ الأخير لمسلم. قال : «لما أنزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريشا ، فاجتمعوا فعم وخص ، فقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رحما سأبلّها ببلالها».
__________________
(١) الحجر : ١٢.