صاحب الخمر. والثاني : أنّ أزواجهم : المشركات ، قاله الحسن. والثالث : أشياعهم ، قاله قتادة. والرابع : قرناؤهم من الشّياطين الذين أضلّوهم ، قاله مقاتل. وفي قوله تعالى : (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) ثلاثة أقوال : أحدها : الأصنام ، قاله عكرمة ، وقتادة. والثاني : إبليس وحده ، قاله مقاتل. والثالث : الشياطين ، ذكره الماوردي وغيره.
قوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) أي : دلّوهم على طريقها ؛ والمعنى : اذهبوا بهم إليها. قال الزّجّاج : يقال : هديت الرّجل : إذا دللته ، وهديت العروس إلى زوجها ، وأهديت الهدية ، فإذا جعلت العروس كالهديّة ، قلت : أهديتها.
قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ) أي : احبسوهم (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) وقرأ ابن السّميفع : «أنّهم» بفتح الهمزة. قال المفسّرون : لمّا سيقوا إلى النّار حبسوا عند الصّراط ، لأنّ السؤال هناك. وفي هذا السؤال ستة أقوال : أحدها : أنهم سئلوا عن أعمالهم وأقوالهم في الدنيا. والثاني : عن «لا إله إلّا الله» ، رويا جميعا عن ابن عباس. والثالث : عن خطاياهم ، قاله الضّحاك. والرابع : سألهم خزنة جهنّم (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) (١) ونحو هذا ، قاله مقاتل. والخامس : أنهم يسألون عمّا كانوا يعملون ، ذكره ابن جرير. والسادس : أنّ سؤالهم قوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) ، ذكره الماوردي. قال المفسّرون : المعنى : ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا؟! وهذا جواب أبي جهل حين قال يوم بدر : (نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) (٢) ، فقيل لهم ذلك يومئذ توبيخا. والمستسلم : المنقاد الذّليل ؛ والمعنى أنهم منقادون لا حيلة لهم.
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩))
قوله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) فيهم قولان : أحدهما : الإنس على الشّياطين. والثاني : الأتباع على الرّؤساء (يَتَساءَلُونَ) تسآل توبيخ وتأنيب ولوم ، فيقول الأتباع للرّؤساء : لم غرّرتمونا؟ ويقول الرّؤساء : لم قبلتم منّا؟ فذلك قوله تعالى : (قالُوا) يعني الأتباع للمتبوعين (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : كنتم تقهروننا بقدرتكم علينا ، لأنّكم كنتم أعزّ منّا ، رواه الضّحّاك. والثاني : من قبل الدّين فتضلّونا عنه ، قاله الضّحّاك ، وقال الزّجّاج : تأتوننا من قبل الدّين فتخدعونا
__________________
(١) الملك : ٨٠.
(٢) القمر : ٤٤.