والنفي ، أي لا يشفع عنده أحد إلّا بأمره ، وذلك أنّ المشركين كانوا يزعمون أنّ الأصنام تشفع لهم ، وقد أخبر الله عنهم : أنّهم يقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا) ، (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى.)
فأخبر الله أنّه لا شفاعة عنده لأحد إلّا من استثناه الله بقوله : (إِلَّا بِإِذْنِهِ).
ونظيره قوله في سورة النبأ : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) انتهى.
وفي سورة النجم : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى).
وبين ما نزلت ردّاً للمشركين من عَبَدة الأصنام ، ورغماً عمّا كانوا يزعمونه من الشفاعة لآلهتهم.
كما في سورة بني إسرائيل : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً).
وكما في سورة السبأ في قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) إلى قوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا).
وَكَما في قوله تعالى في سورة الزمر : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ* قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ).
والعجب من المتكلّف حيث أعجبه التمسّك بهذه الآية في منع الاستشفاعات في غير موضع من كتابه.
وهي كما ترى ، والمغالطة في إسقاطهم لصدر الآية كما عرفت.
ومثلها ما في سورة يونس : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ).
وفي سورة الروم : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ