القيامة ، فيشفعون لهم عند الله ، فيُشفَّعون فيهم.
وإذا كانت المسألة والتوسّل موجوداً في النشأتين ، والمناط قائم في المقامين.
فمن أين جاءت هذه الخصوصية؟!
على أنّه يلزم منه أن يكون الباطل بما هو باطل ينقلب في الآخرة حقّاً ، والحقّ بما هو حقّ يكون في الدنيا باطلاً وشركاً.
وهذا هو التناقض البيّن وصريح الانقلاب المحال.
[المزورون أحياء في قبورهم]
وإن كان المانع منهما هو الموت فقد أثبت محكم القرآن حياتهم المستقرّة حياةً مخصوصة بهم ، فيسمعون ويعقلون ويعرفون من يخاطبهم.
ولا غرو في الحياة بعد الموت مع الإقرار بعموم قدرته تعالى ، فجاعل الروح في النطفة يضعها في التراب وحيث يشاء.
فلو كان خطاب الموتى ممّا يوجب عند الجاهل عبثاً ، فلا يوجب كفراً وشركاً.
وبالجملة : فإطلاق الموت وخصوصيّة كيفيّة عود الأجسام المختصّة بالقيامة ، ممّا لا ينافي شيء منها لحياتهم المستقرّة الثابتة لهم بعد الموت.
وعليه اعتقاد أعاظم المحققين من علماء السُّنّة والجماعة.
ويعاضده الأحاديث المعتبرة كما لا يخفى.
وكما في تفسير قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا).
وكان الأُستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي شيخ الشافعي يقول : إنّ الأنبياء لا تبلى أجسادهم ، ولا تأكل الأرض منهم شيئاً ، ولقد التقى نبيّنا مع إبراهيم وموسى بن عمران.
وقال الرازي في قوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ) :