وقد تقدّم أنّ الساعي لحاجة إخوانه عند باب مولاه لا يرتفع عن مقام العبودية بشيء.
فليست الشفاعة والاستشفاع إلّا قسماً من الدعاء الشامل لجميع الناس ، واختصاص الأولياء والخواصّ بها باعتبار قبولها.
وقد ورد في باب زيارة النبيّ ـ كما عن حُجّة الإسلام الغزالي ـ قال : «ثمّ ترجع وتقف عند رأس رسول الله ـ بين القبر والأُسطوانة اليوم ـ وتستقبل القبلة ...» إلى قوله : «ثمّ تقول : (اللهمّ إنّك قلت ـ وقولك الحقّ .. (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً).
اللهمّ إنّا قد سمعنا قولك ، وأطعنا أمرك ، وقصدنا نبيّك متشفّعين به إليك في ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من أوزارنا ، تائبين من زللنا) ...» إلى قوله : (اللهمّ لا تجعله آخر العهد من قبر نبيّك ومن حرمك يا أرحم الراحمين).
ومعاذ الله أن يرفع المسلمون أحداً من هؤلاء المَزُورين عن مقام العبوديّة ، أو يذكرهم في الدعاء بغير الاستشفاع والتوسّل.
فأين وصمة الشرك؟!
ثمّ وما حديث التبعيض والتخصيص؟!
وهل ظفر المتكلّف بعد ما تقدّم في الشفاعات والتوسّلات بآية أو رواية تخصّص بها العمومات ، أو تقيد بها المطلقات؟
أو يناقض بها ما صرّح به من قبل بقوله : «فصحّ أنّ الملائكة يشفعون ، والأولياء يشفعون ، والإفراط يشفعون»؟!
وليت شعري ، فإن كان المناط في الشرك هو مجرّد التوسّل بالغير والاستشفاع به.
فهو الموجود عيناً في الآخرة ، كما ورد أنّ الناس يسألونهم الشفاعة يوم