مسجداً وصوّروا فيه تلك الصورة) (١).
وعلى الوجه الثاني : ما ورد أيضاً في الصحيحين عن عائشة عن النبي قوله : (لعن الله اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (٢).
ولذلك قالت عائشة : «ولو لا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يُتّخذ مسجداً» (٣).
فالظاهر من الرواية ـ بمساعدة ما فهمته عائشة منها ، بحيث لم يُنكر عليها أحد ممّن روى الخبر عنها ـ :
أنّ المنهيّ عنه إنّما هو خصوص الصلاة إلى القبر باتّخاذ البارز من القبر قبلة.
لا مجرّد الصلاة عند القبر بالتوجّه إلى الكعبة.
وقد عرفت صحّة الاتّخاذ بهذا المعنى فيما مضى وستأتي الحجّة عليه من القرآن والسُّنّة الصحيحة.
وهذا معنى الحديث.
ولو لا ذلك لما كان الإبراز سبباً لحصول الخشية ، فإنّ المخشيّ منه هو استقبال القبر بجعله واتّخاذه قبلة ، وأمّا الصلاة إلى الكعبة فممّا لا يتوقّف على البارز.
ويؤكّد هذا المعنى للحديث صريح ما رواه المناوي (٤) ، وأخرجه عن ابن حِبّان في صحيحه : (أنّ النبيّ نهى عن الصلاة إلى القبور).
[الصلاة في المقابر؟]
ومثله في الوهن ما أوردوه من الشبهة في النهي عن الصلاة في المقابر.
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١١١ و ١١٢ و ٤ / ٢٤٥ ، وصحيح مسلم ٢ / ٦٦.
(٢) صحيح البخاري ١ / ١١٠ و ١١٢ و ١١٣ ، و ٢ / ٩١ و ١٠٦ ، و ٤ / ١٤٤ ، و ٥ / ١٣٩ و ١٤٠ ، و ٧ / ٤١ ، وصحيح مسلم ٢ / ٦٧.
(٣) لاحظ صحيح البخاري ٢ / ٩١ ، ولاحظ ص ١٠٦ و ٥ / ١٣٩ ، وصحيح مسلم ٢ / ٦٧.
(٤) في ص ١٦٩ من الكنوز.