وكذا كلّ ما يتشبّث به الوهّابيّون من المناهي حول عنوان القبر ؛ من التجصيص والتجديد والكتابة عليها ، كما تراها بمعزل عمّا رموا به المسلمين.
فإنّ المشاهد المشرّفة ممّا ليس هناك قبر بارز ، وإنّما هو مجرّد الصندوق والشّباك الواقعين على السرداب الأجنبي عن القبر ؛ ليكون حريماً وعلامة لا يوطأ ولا يُصلّى عليه ، عملاً بالنهي.
هذا ، مع أنّ النهي محمول على الكراهة ، بل ومخصوص بما فسّره شُرّاح الحديث.
وقد قال ابن الأثير في «النهاية» ، وإنّما النهي عن الصلاة في المقابر ، لاختلاط ترابها بصديد الموتى ، وإلّا فإن صلّى في مكان طاهر منها صحّت صلاته.
قال : ومنه الحديث : (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) أي لا تجعلوها كالقبور ، فلا تصلّوا فيها ، فإنّ العبد إذا مات ، وصار في قبره لم يصلّ ، ويشهد له قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تتّخذوها قبوراً). انتهى كلامه.
وهذا أحمد بن حنبل ، فقد روى في مسنده ما يفسّر الحديثين المذكورين ، كما روى عنه المناوي في «الكنوز».
أمّا بالنسبة إلى العنوان الأوّل ؛ أي اتّخاذ القبور مساجد :
فقد روى عن مسنده (١) عن النبي أنه قال : (لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها). وما روى فيه أيضا عن الطبراني في الحديث قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تصلّوا إلى قبر ، ولا على قبر).
وأمّا بالنسبة إلى العنوان الثاني :
فقد روى عن مسند أحمد (٢) عن النبي قال : (لا تتّخذوا بيوتكم قبوراً ، صلّوا فيها).
__________________
(١)
كنوز المناوي ص ١٨١ ، ومسند أحمد ٤ / ١٣٥.
(٢) كنوز المناوي ص ١٧٩ ، ومسند أحمد ٤ / ١١٤.