وبعدم إجزاء نفس عن نفس ثالثة.
وهكذا الكلام في نظائرها.
وبين ما سيقت لبيان شدّة الموقف وأهواله ، وأنّه ـ يومئذٍ ـ لا ينفع الكفّار بيعهم وخلّتهم وشفاعتهم ـ بعضهم ـ في دفع العذاب عن خليله أو مولاه :
مثل ما في سورة الدخان قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) ... (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ).
وقوله في سورة البقرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ).
قال الرازي : لما قال : (وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) أوهم ذلك ـ أي الخُلّة والشفاعة مطلقاً ـ فذكر تعالى عقيبه : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ليدلّ على أنّ ذلك النفي مختصّ بالكافرين ، وعلى هذا التقدير تكون الآية دالّة على إثبات الشفاعة في حقّ الفسّاق.
وبين ما لبيان أنّ الشفاعة الثابتة مختصّة بالمرضيّين :
كقوله تعالى في سورة طه (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً).
وقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) أي لمن ارتضى الله دينه ، وسيأتي بيانه.
أو لبيان أنّ المجرمين غير قادرين على الشفاعة إذ لا يملكونها :
كما في سورة مريم قوله تعالى : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً* لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ) ألا تنظر إلى قوله بعده : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) إلى غير ذلك.