وَلا تَفَرَّقُوا)
قال الرازي في هذه الآية : أمر الله بالتمسّك والاعتصام بما هو كالأصل لجميع الخيرات والطاعات ، وهو الاعتصام بحبل الله.
واعلم أنّ كلّ من يمشي على طريق دقيق يخاف أن تزلق رجله ، فإذا تمسّك بحبل مشدود الطرفين بجانبي ذلك الطريق ، أمن من الخوف.
ولا شك أنّ طريق الحقّ طريق دقيق ، وقد زلقت أرجل الكثير من الخلق عنه ، فمن اعتصم بدلائل الله وبيّناته ، فإنّه يأمن من ذلك الخوف.
فكأنّ المراد من الحبل هاهنا كلّ شيء يمكن التوصّل به إلى الحقّ في طريق الدين ، وهو أنواع كثيرة.
ثمّ عُدّ منها العهد في قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي).
ومنها القرآن ...
إلى قوله : وروي عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبلٌ ممدود من الأرض عترتي أهل بيتي) والحديث متواتر بين الفريقين (١).
وزاد فيما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأخرجه بإسناده عن ابن نمير ، عن عبد الملك بن سليمان ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن
__________________
(١) حديث الثقلين متواتر بحكم جمع من أعلام الحديث وهو على كل حال مجمع على صحته ، فأورده مسلم في صحيحه ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، وبشرح النووي ١٥ / ١٧٩ ـ ١٨١ ، وأحمد في المسند ٣ / ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ و ٤ / ٣٧١ ، والدارمي في السنن ٢ / ٤٣٢ ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٠٩ ، وقال : صحيح على شرط الشيخين و ٣ / ١٤٨ وقال مثله ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٣٠ و ١٠ / ١١٤ ، وانظر مجمع الزوائد للهيثمي ٩ / ١٦٣ ، وكنز العمال ١ / ١٨٦ و ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ٣ / ٦٤١ و ١٤ / ٤٣٥ ، واقرأ بحثاً مفصّلاً عن الحديث ومصادره ودلالته في مجلة (علوم الحديث) العدد الأول لسنة ١٤١٨ ه.