العروض يبقى استصحاب الإباحة الأصليّة سليمة عن المزاحم.
ثمّ لو فرض مع هذا ثبوت الوقف قبل الحيازة ـ ومن المحال ثبوته ـ فلا ينفع المتكلّف بشيء ، ولم يسمع منه ذلك إلّا بعد إثباته وقوعه منه على غير مجرى عرف أهل المعرفة من المسلمين وعاداتهم في مجاري البرّ والخير ، من الرعاية لحقّ العظيم في الإسلام والمحترمين من الصحابة والأولياء ؛ ممّن يكثر زوّارهم من المسلمين التالين لكتاب الله لديهم وإهداء ثوابها إليهم ؛ عملاً بالسُّنّة المأثورة وقياماً لأداء حقّ عظيم شرفهم في الإسلام.
كلّا وليس في المسلمين أحد ممّن يوقف مقبرة للمسلمين على غير الوجه الأمثل ، لرعاية البرّ والطاعة ، والأقرب بأداء الحقوق ، والأوفى بتعظيم الشعائر.
ولم تزل السيرة القطعية ـ من أكابر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين إلى زمان الأئمة الأربعة والخلفاء ، من الامويين والعبّاسيين ، وجهابذة العلماء وأساطين الدين باقتدارهم وسلطنتهم وكمال تضلّعهم في إجراء السنّة ومحو البدعة طول هذه المدّة ـ جارية في إبقاء ما ثبت من الأبنية ، من غير نكير منهم في حين.
وسيرتهم حجّة قاطعة لا يزاحمها شيء ، ولم يحتمل أحد منهم أُحدوثة التسبيل أو توهّمه.
سوى ما ظهر في يومنا هذا من العلم المخزون والديانة المحتكرة في أعراب نجد!
وهذا أحمد بن تيميّة [شيخ إسلام] مؤسّس الوهّابيّة وإمام زعيمهم ، ممّن صرّح بسيرة هؤلاء.
فحكم في باب الوضوء بغسل الرجلين تمسّكاً بها ، بأن رعاية الأقرب في العطف في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) ممّا كان يوجب مسح الرجلين ، لو لا السيرة المستمرّة على الغسل؟
وقد استدلّ قاضي قضاة الوهّابيّين بمكّة المكرّمة في الحين بعمل المسلمين على