إلى قوله : ولم يذكر رسول الله في خطبته ؛ لا يوم الجمعة ولا غيرها ، عاتبه قوم من خاصّته وتشاءموا بذلك منه ، وخافوا عاقبته.
فقال : ما تركت ذلك علانية إلّا وأنا أقوله سرّاً وأُكثر منه ، لكن لما رأيت بني هاشم إذا سمعوا ذكره اشرأبوا واحمرّت ألوانهم ، وطالت رقابهم.
والله ما كنت لآتي سروراً وأنا أقدر عليه.
والله لقد هممتُ أن احْظِرَ لهم حظيرة ، ثمّ أضرمها ناراً.
فإنّي لا أقتل منهم إلّا آثماً كفّاراً سحّاراً.
لا أنماهم الله ولا بارك عليهم.
بيت سوء لا أوّل لهم ولا آخر ...
إلى آخر ما كفر به.
ومن بعده زياد ابن أبيه حيث خطب الخطبة البتراء ، لم يحمد الله فيها ، ولم يصلّ على النبيّ وآله ، كما في تفسير «مجمع البيان» سورة الكوثر (١).
وأمّا محمّد بن عبد الوهّاب :
فقد كان في مسجد الدرعية وعاصمة بلده ومركزه ، وهو يقول في خطبته : من توسّل بالنبيّ فقد كفر.
واعلم أن أمر ابن الزبير وابن سميّة أهون من أمر الرجل وأشياعه.
فإنّ اعتذارهما فيما أنكراه من الصلوات إن كان من أهل محمّد ، فقد كان الرجل إنكاره من محمّد نفسه.
والعياذ بالله ممّن طبع الله على قلبه وأعماه.
مع ما عرفت من إجماع أهل القبلة على وجوب التوسّل به ، فكيف
__________________
(١) لاحظ الصحاح للجوهري (مادة : بتر) ٢ / ٥٨٤ ، وكذلك لسان العرب.