مذهب أهل الحق أن الباري ـ تعالى ـ سميع بسمع ، بصير ببصر.
وذهب الكعبي إلى أنه معنى كونه سميعا بصيرا أنه لا آفة به ، عالم بالمسموعات والمبصرات ، لا غير.
ومن المعتزلة من زاد عليه ، وقال : معنى كونه سميعا بصيرا أنه مدرك للمسموعات والمبصرات ، والإدراك يزيد على العلم.
وذهب الجبائي ومن تابعه إلى أن معنى كونه سميعا بصيرا أنه حي لا آفة به. وقد استروح بعض الأصحاب في الاستدلال على أهل الضلال إلى مسلك ضعيف ، وهو أن قال الباري ـ تعالى ـ حي والحي إذا قبل معنى وله ضد ، ولا واسطة بينهما ، لم يخل عنه أو عن ضده. ولا محالة أن كونه حيا مما يوجب قبوله للسمع والبصر ، فلو لم يتصف بالسمع والبصر لا تصف بضدهما ، وذلك
__________________
ـ لا يفيد العلم في حق عمرو. ثم وإن سلم الحصر ؛ فلا بد من التعرض لإبطال التأثير في كل رتبة تحصل له مع إضافته إلى غيره ؛ وذلك مما يعسر ويشق. وإن سلم التعرض لإبطال غير المستبقى ، غير أن ما به إبطال غير المستبقى ؛ فهو لازم على إبطال المستبقى ؛ فإنه منتقض بباقي أعضاء الإنسان ، وأعضاء غيره من الحيوان ؛ فإنها حية مع انتفاء السمع ، والبصر ، وأضدادهما عنها. وإن سلم أن الحكم لغير ما عين ؛ لكن من الجائز أن يكون ذلك له باعتبار الشيء الموصوف به ، ومهما لم يتبين أن الموصوف به في محل النزاع هو الموصوف به في محل الوفاق ، لم يلزم الحكم. وإن سلم أن المصحح كونه حيا لا غير ؛ فإنما يلزم ذلك في حق الله تعالى أن لو كان إطلاق اسم الحي على الله ـ تعالى ـ وعلى الواحد منا بمعنى واحد ؛ وهو غير مسلم. ولا يلزم من كون الحياة في حق الله ـ تعالى ـ شرطا لصحة الاتصاف بالعالمية ، والقادرية ، كما في الحياة في الشاهد ، التماثل بين الحياتين ؛ لجواز اشتراك المختلفات في لازم واحد. سلمنا اتحاد المسمى الحي بين الشاهد والغائب ، ولكن لم قلتم إنه يلزم من وجود المصحح ؛ وجود الصحة ، وما المانع من أن تكون ذات الباري ـ تعالى ـ مانعة؟ إذ لا يلزم من وجود المصحح انتفاء المانع. ولهذا : فإن كونه حيا كما أنه مصحح لهذه الإدراكات ؛ فهو مصحح في الشاهد لأضدادها. وما لزم من وجوده في حق الله ـ تعالى ـ صحة اتصافه بأضداد الإدراكات. انظر : الأبكار (١ / ٣١٤) ، الملل والنحل (١ / ٩٨ ـ ١٠٨) ، واللمع (ص ٢٥ ، ٣٦ ، ٣٧).