وذهب أهل الحق من الإسلاميين وغيرهم من أهل الشرائع الماضين ، وجماعة من الحكماء المتقدمين ، إلى أن كل موجود سوى الواجب بذاته فموجود بعد العدم ، وكائن بعد أن لم يكن. وأن الحكم له بالمعية مع الواجب الأبدية واللازم للسرمدية مما لا سبيل إليه ، ولا معول لأرباب العقول عليه ، بل الباري تعالى كائن ولا كائن ، ومتقدم بالوجود ولا موجود. وأن ما أبدعه لم يكن معه ، بل هو المنفرد بالأبدية ، المتوحد بالسرمدية ، خالق الخلق بعد العدم ومعيدهم بعد الرمم ، إن الله على كل شيء قدير.
وعند هذا فلا بد من البحث عن مطمح نظر الفريقين ، والكشف عن مقصد الطائفتين.
ولتكن البداية بتقديم النظر في طرق أهل الحق أولا وإبطال شبه أهل الضلال ، والانفصال عنها ثانيا.
والكلام في هذه المسألة يقع في طرفين :
١ ـ طرف في إبطال القول بلزوم القدم.
٢ ـ وطرف في إثبات الحدوث بعد العدم.