لقبلية الشيء إلا أنه لم يكن فكان ، ومع هذا التفسير للقبلية فلا يتمهد ما ذكروه. كيف وأنه يستحيل القول بما ذكروه نظرا إلى ما أشرنا إليه من البرهان ، وأوضحناه من البيان ، في عدم حوادث لا تتناهى؟
وأما ما ذكروه في بيان استحالة القول بوجوب واجب الوجود نظرا إلى ثبوت الإمكان له ونفيه عنه فمنشأ الغلط فيه إنما هو من اشتراط لفظ الممكن ؛ إذ قد يطلق على ما ليس بممتنع وعلى ما لا ضرورة في وجوده ولا في عدمه ، فالاعتبار الأول أعم من الواجب بذاته ، والثاني مباين له. فعلى هذا إن قضي عليه بكونه ممكنا فليس إلا بالاعتبار الأول ولا يلزم نفي الوجوب لكونه أعم منه ، وإن سلب عنه الإمكان فليس إلا بالاعتبار الثاني ، ولا يلزم منه نفي الوجوب أيضا ، بل ربما كان الوجوب هو المعتبر أو الامتناع لا محالة ، نعم لو سلب عنه الإمكان بالاعتبار الأول أو أثبت له بالاعتبار الثاني لزم ألا يكون واجبا ، فقد تقرر كما أشرنا إليه أنه لا بد من القول بوجوب وجود موجود وجوده لذاته لا لغيره.
وهو حسبنا ونعم الوكيل.