ويهتم بها خصوصاً أن السفر طويل ولا عودة منه ولا محالة من قطعه.
وقد اهتمّ علماء الآخرة لهذا السفر الشريف فابتدأوه بارادتهم قبل أن يحل في ساحتهم ، وطووا كثيراً من منازله وما زالت أبدانهم تعيش في هذه الحياة الدنيا ، وقد انكشف لهم كثير من تلك المنازل وتعرفوا على عوالم عظيمة منها ولا يمكن لأحد ان يعلمها أو يشاهدها أو يدركها إلاّ بعد مجاهدات سلوكية ومقامات سيرية.
وقد ثبتوا بعضاً من تلك المنازل والمقامات والأحوال تحت عنوان ( السير والسلوك ) ولعل افضلها ما ثبت في رسالة « السير والسلوك » المنسوبة لأية الله العظمى السيّد محمّد مهدي بحر العلوم قدسسرهم.
وسواء جاهد الانسان واختار آخرته وهو بعد في الدنيا ولم يرحل منها ، أو ترك الامور تجري عليه ضمن قوانين القدر المحتوم والقضاء المبرم ، فأنّه سوف يلاقي يومه الذي وعد به ، ويحل عليه السفر الطويل ويرى تلك المنازل رأي العين عندما يتحقق قوله تعالى : ( فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) (١).
وذلك اليوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تؤمن من قبل ولم تهيّىء لسفرها عدته ، ونجى المخفون.
ولذلك أكدت الروايات الكثيرة جداً على ضرورة الاعداد لسفر الآخرة (٢).
__________________
لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً؟ قال : بلى يا زهري ، ليس ما ظننته ، ولكنه الموت ، وله كنت استعد ، انّما الاستعداد للموت تجنب الحرام ، وبذل الندى والخير » (علل الشرائع : ص ٢٣١ ، ح ٥. ونقله المجلسي في البحار : ج ٤٦ ، ص ٦٥ ، ح ٢٧. والبحراني في العوالم : مجلد أحوال الامام زين العابدين عليهالسلام : ص ١٠٦).
(٢) سورة ق : الأية ٢٢.
(٣) وأما الاستعداد للموت فمن تلك الروايات :
* روى الصدوق عليهالسلام في أماليه عن الامام العسكري عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام انّه قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : ما الاستعداد للموت؟ قال : « اداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، والاشتمال على المكارم ، ثمّ لا يبالي أوقع على الموت ، ام وقع الموت عليه » (الأمالي للصدوق :