ضرورة ذكر الموت :
اضافة الى أن طريقة أهل البيت : ألزمت المؤمن ـ كما توضحه الروايات الشريفة ـ أن يعيش الموت ويديم ذكره له ليعدّ ليومه ذلك الذي ينتظره لا محالة ، فانّ انحراف الانسان عن الجادة المستقيمة ينشأ من الطغيان الذي يعتريه ، وقد يصل به الى مستوى بحيث يعمى عن كل الحقائق وما يحيط به ، ولا تنفعه لتخفيف نسبة طغيانه وغروره كل النصائح والتوجيهات لأن طغيانه قد يكبر عليها ولكنه يصطدم بصخرة تتكسر عليها كل مراتب الطغيان والغرور وهي صخرة الموت وما بعد الموت ، وقد صور كتاب الله المجيد هذه الحقيقة بقوله تعالى : ( إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ) (١).
فمهما اعتور الانسان الموحد (٢) من الطغيان والغرور والانحراف عن الأوامر
__________________
ص ٩٧ ، المجلس ٢٣ ، ح ٨. ونقله عنه في البحار : ج ٧١ ، ص ٢٦٣ ، ح ١).
* وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال في خطبة خطبها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتسعة أيّام : « وانّ من عرف الأيّام لم يغفل عن الاستعداد ، لن ينجو من الموت غني بماله ، ولا فقير لاقاله ... » (الامالي للصدوق : ص ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، المجلس ٥٢ ، ح ٩. ونقله عنه في البحار : ج ٧١ ، ص ٢٦٣ ، ح ٢).
* وروى الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن أبي اسحاق الهمداني قال : لما ولّى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام محمّد بن أبي بكر مصر واعمالها كتب له كتاباً ، وامره أن يقرأه على أهل مصر وليعمل بما وصّاه به فيه ... وكان من جملة ما جاء فيه : « يا عباد الله انّ الموت ليس منه فوت ، فاحذروه قبل وقوعه ، واعدوا له عدته ، فانّكم طرد الموت ، إن اقمتم له اخذكم ، وإن فررتم منه ادرككم ، هو الزم لكم من ظلكم .. » (الأمالي للطوسي : ص ٢٧. ونقله عنه في البحار : ج ٧١ ، ص ٢٦٤ ، ح ٦.
(١) سورة العلق : الآية ٦ ـ ٨.
(٢) أما الانسان الملحد فإن رؤيته لله وللآخرة لا تقل عن رؤية الموحدين لأنه يحس بفطرته وجود عالم آخر بعد انتهائه من رحلته في عالم الدنيا كما أن جميع القوانين العقلية تنص عليه.
ومهما أنكر الملحد بطغيانه حقائق الوجود والعلة فانّه يعترف أن لحياته نهاية ، ولكنها نهاية لمشوار قطعه وعرف شيئاً من مجرياته ، وبقيت الغازه واسراره تحتاج الى توضيح وشرح وهو يقرّ بباطن نفسه أن لتلك الالغاز والاسرار اجوبه ، ولا يوجد لغز أو سرّ يبقى في الكتمان وانما لابدّ له من يوم يظهر ويعرف ، ولذلك فهو يقرّ بقرارة نفسه أن هناك يوماً