وعزيمة جبارة ، فقد لاقى في طريق العمل من الصعاب والمتاعب ما يكفي لتراجع أكبر الرجال قلباً ، وأقواهم شكيمة ، وأوسعهم صدراً ، حيث كان لانتهاء حكم القاجاريين وتولي البهلوي تأثير بارز في تقليص جهوده والحدّ من نشاطه اذ رافقت ذلك احداث ووقائع جسام. وكانت سيرة البهلوي واضحة في عزمه الأكيد وتصميمه على القضاء على الدّين ومحمو كل أثر لرجاله وشعائرة ورسومه ؛ فقد سجن العلماء الكبار ، ونفى عدداً منهم ، ودس السمّ لأخرين ، وفعل الأفاعيل من هذا القبيل.
وفي هذه الظروف كان الحائري يعمل على توسيع دائرة الحوزة العلمية في قم ونشر الدعوة ودعم هيكل الدين ، واشادة مجد الاسلام باعمال أحكامه وتطبيق نظامه.
في ذلك الوقت ، وفي تلك الظروف السود ، قاوم هذا العالم المخلص ديكتاتورية الملك واباحيته ، ووقف في وجهه مجنّداً كل امكانياته وقابلياته ، وموطناً نفسه للعظائم ، ومضحياً في سبيل دعوته بكل ما يملك ، ولم تفتّ في عضده ، أو توهن من عزيمته ، أو تسرب ألياس والقنوط الى نفسه كل تلك المحاولات اللئيمة والمساعي الخبيثة التي بذلها سماسرة السوء ، وزبانية الشر ، وأعداد الدين والخير والفضيلة.
وهكذا بقي يقاوم كل ما يعترض طريقه من عقبات وعراقيل حتّى كلّل سعيه بالنجاح وانتصر ، وباء خصومه بالصفقة الخاسرة ، وعادوا يجرون أذيال الفشل ( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ) (٢) ... ».
ولكن الاسلام في ايران قد لاقى عدواً وحشياً تحت الحماية الغريبة والشرقية استطاع لفترة حكمه أن يحدّ من أي نشاط ديني في ايران بالارهاب وهتك الحرمات وقتل آلاف الشيعة في المشهد الرضوي في حادثة كوهر شاد
__________________
(١) سورة فصّلت : الآية ١٦.
(٢) نقباء البشر : ج ٣ ، ص ١١٦١ ـ ١١٦٢.