في النبات
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى* كُلُوا
وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (١).
فصل
المركب العنصري لما استوفى درجات التراكيب الناقصة من الآثار العلوية وغيرها ، ثمّ درجات المعادن تخطّى خطوة أخرى إلى جانب القدس ، إن كان من أهل السلوك إلى الله سبحانه ، بأن يكون ناقصا ضعيف الفعلية ، كالمني الصالح لأن يصير حيوانا ، أو يكون تاما ، ولكن ترك صورته النوعية الّتي بها تمامه ، وفعليته ، وزهد في حياته الدنيا تلك ؛ طلبا لصورة أعلى ، وفعلية أتم ، وتوجه إلى بارئه سبحانه توجّها طبيعيا ، كالبذر ـ مثلا ـ إذا انفسد في الأرض فسادا ما ، وأنتن نتنا ما ، فحينئذ ينكسر قلبه ، ويضطرّ اضطرارا جبلّيا ، ويتضرّع إلى الله سبحانه تضرّعا فطريا ، ويتقرب إلى الله تعالى تقرّبا ما ، وقد جرت سنّة الله في من تقرّب إليه شبرا أن يقرب إليه ذراعا (٢) ، فيترحّم عليه ، ويجيب دعاءه ؛ إذ هو الّذي يجيب المضطر إذا دعاه ، فيفيد له بدل صورته الفانية صورة
__________________
(١) ـ سورة طه ، الآية ٥٣ و ٥٤.
(٢) ـ كما ورد في الحديث ، أنظر : صحيح البخاري : ٨ : ١٧١.