في الحيوان
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) (١)
فصل
المركّب العنصري لما استوفى درجات النبات ، تخطّى خطوة أخرى إلى جانب القدس إن كان من أهل السلوك ، على صراط الله ، بأن كان ناقصا ضعيف الفعلية جدا ، كأنه يتضرّع في فكاك رقبته من النقصان ، كالأجنّة في بطون أمهاتها ، ممّا لها نفوس نباتية ، ولم تصر حيوانات بعد ، فإذا كان كذلك فيتقرّب إلى الله تعالى بالتوجّه إليه تقرّبا ما ، فيتقرّب الله سبحانه إليه ضعف تقرّبه ، كما هي سنّته تعالى ، فيفيد له بذلك بدل صورته الناقصة صورة كمالية حيوانية ، ذات نفس ملكوتية ، حسّاسة ، درّاكة ، متحرّكة بالإرادة ، فيصدر عنها ببساطتها كلّ ما يصدر من النبات ، ويزيد عليه بأفعال مختصّة بها ، فيوكّل الله تعالى بها ـ مع تلك الملائكة الّتي كانت له أولا ـ ملائكة أخرى أرفع درجة منهم ، بها يدرك ، ويتحرّك بالإرادة ، وهذا هو الحيوان.
__________________
(١) ـ سورة فاطر ، الآية ٢٨.