فصل
ويخدم المولّد ملكان :
أحدهما : يجعل فضلة الهضم الأخير منيّا ، أو ما يجري مجراه من بيضة ، أو بذور ، وهو إمّا في كلّ البدن ، فتلك المادّة الّتي يفرزها متخالفة الحقيقة ، متشابهة الامتزاج ؛ لخروجه من جميع الأعضاء ، وتولّده عندها جميعا ، فيحصل من العظم مثلا مثله ، ومن اللحم مثله ، وهكذا.
وإما في موضع مخصوص من البدن ، كالأنثيين في الحيوان ، فتكون المادّة المفروزة متشابهة الحقيقة ، وإنما تختلف أجزاؤه باختلاف أوضاعها بالنسبة إلى الرحم ، أو ما يجري مجراه ، وغيره من الأسباب الخفية.
والملك الثاني : يهيّىء كلّ جزء من أجزاء تلك المادّة لقبول صورة مخصوصة من واهب الصور ، أما على تقدير تخالفها ، فبتمزيجها تمزيجات بحسب عضو عضو ، فيخصّ للعصب مزاجا ، وللعظم مزاجا ، وللشريان مزاجا ، وهكذا.
وأمّا على تقدير تشابهها ، فبأن يحيل كلّ جزء ويغيره إلى أن يجعل بعضها مستعدة للعصبية ، وبعضها للعظمية ، وبعضها للشريانية ، إلى غير ذلك ، باختلاف الأسباب المقتضية لذلك.
وهذا الملك إنّما يوجد في تلك المادّة المفروزة عند كونها في الرحم ، أو ما يجري مجراه خاصة.
وهذان الملكان ربما اجتمعا في شخص واحد ، كما في أكثر النباتات ،