كلّ زوج بهيج ، فمنه ما يولد في الربيع ، ومنه ما يولد في الصيف ، كما يكون حمل الحيوان مختلفا زمانه باختلاف طبيعته ، فإنه لا يقبل من تأثير الزمان فيه إلّا بقدر ما يعطيه مزاجه وطبعه.
وإن من النبات ما لا يتكون إلّا من البذر والثمر ، ومنه ما لا يتكون إلّا من الأصل ، ومنه ما يتكون منهما ، وربما يتكون من بذر واحد في بلاد مختلفة نباتات مختلفة.
وأوّل ما يتكوّن من النبات أوّليّة بالطبع طبقات ثلاثة يقوم جرمه بها ، منها اللب وما يتصل به ، ومنها العود ، كالخشب وما يشبهه ويناسبه ، ومنها الّلحاء وما يتمّه وينتهي إليه.
والغرض الطبيعي في النبات إمّا في عوده ، أو ساقه ، أو أصله ، أو ورقه ، أو قشره ، أو غصنه ، أو ثمره.
ولمّا لم يجد الجرم الصلب غذاء يتشبّه به دفعة بلا تدريج خلق في الأشجار الصلبة لب يشبه المخّ في العظام ، عناية من الله تعالى في حقها.
وأمّا الأشجار الضعيفة القوام ، المتخلخلة فهي بمعزل عن ذلك ؛ لعدم حاجتها إليه ، وما كان الغرض الطبيعي فيه أن يعظم حجمه ويطول قده في مدّة قصيرة امتنع أن يكون صلبا ؛ لأنّ الصلب يحتاج إلى مادّة عاصية ، وقوّة طابخة ، والتصرّف في مثلها يحتاج إلى مدّة طويلة ، فسبحان من أنزل من السماء ماء فأخرج به نبات كلّ شيء ، فأخرج منه خضرا يخرج منه حبا متراكبا ، ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير