بحسب انبساط القلب وانقباضه ، بهما ينفذ كلّ من صنفي الدم فيه ، ويختلط أحدهما بالآخر ، ويعتدلان فيه ، وقياسه من البطنين في المنفذية والتصرف قياس المبطن الأوسط من الدماغ بين المقدّم والمؤخّر.
وللأيمن فوّهتان تدخل من أحدهما العروق النابتة من الكبد ، ويصبّ منه الدم فيه ، والأخرى تتصل بالرئة ، وهي الوريد الشرياني.
وللأيسر ـ أيضا ـ فوّهتان إحداهما فوّهة الشريان العظيم الّذي منه تنبت شرايين البدن كلّها ، والثانية فوّهة الشريان الّذي يتصل بالرئة ، وفيها يكون نفوذ الهواء من الرئة إلى القلب ، وهو الشريان الوريدي ، وعليها زائدتان شبيهتان بالأذنين ، تقبلان الدم والنسيم من المنافذ والعروق ، ويرسلان إلى القلب ، جرمهما أرق من لحم القلب ؛ ليحسن إجابتهما إلى الحركات ، وفيهما مع رقّتهما صلابة ؛ لتكون أبعد عن قبول الآفات.
وإنما وضع القلب في الصدر ؛ لأنّه أعدل موضع في البدن ، وأوفقه ، وأميل إلى اليسار قليلا ؛ لكي يبعد عن الكبد ، فلا يجمع الحار كلّه في جانب واحد ، وأن يعدل الجانب الأيسر ؛ لأنّ الطحال في ذلك الجانب ، وليس هو بنفسه كامل الحرارة ، ولكي يكون للكبد والعرق الأجوف النابت منه مكان واسع ، وتوسع المكان له أولى من توسّعه للطحال ؛ لأنّه أشرف.
والرئة مجللة للقلب لتمنع من أن تلقاه عظام الصدر من قدام ، وهو موضع صلابة جوهره ، لا يحمل ألما ، ولا ورما ، لشرفه ، وعظمه وصغره يكون في الأكثر سببا للجرأة والجبن ، لقوّة الحياة وضعفها ، وممّا يوجد بخلاف ذلك ، فالسبب فيه قلّة الحرارة بالنسبة إلى جثّته ، أو كثرتها.
وقد يوجد في قلب بعض الحيوانات الكبير الجثّة عظم ، وخصوصا في